بعد فاجعة مقتل 7 مصليين صبيحة عيد الفطر المبارك برصاص داخلية الإنقلاب، نستيقظ صباح الخميس 23 يوليو 2015 على موت قرابة 50 شخصا معظمهم من النساء والأطفال في حادث غرق عبارة في منطقة الوراق .
وربما مشكلة عبارات الموت هي من المشاكل المتجذرة في مصر ؛ وﻻزالت مشاهد عبارة السﻻم وموت قرابة 1500 مصري على متنها لم تفارق ذاكراتنا بعد لنعاود المشهد من جديد بذلك الحادث المروع والذي يكشف بوضوح حال مصر بعد 63 عاما من الحكم العسكري لها .
الفساد هو السبب الرئيسي
تعود المشكلة إلى انتشار مراكب وقاعات الأفراح النيلية بالوراق والتي تمثل نموذجا صارخا للفساد فى مصر من حيث إنعدام الرقابة من أجهزة الدولة ؛ حيث تبدأ المشكلة من حى الوراق و هيئة المسطحات المائية و محافظة الجيزة ؛ فكيف تتواجد هذه المراكب التى لا يوجد لها تراخيص ولا وسائل أمان ولا أطواق نجاة فى النيل و تتحرك بهذه الحرية و إذا كانت تحمل التراخيص اللازمة فالمصيبة اكبر .
فقصة الفساد لم تبدأ من اليوم بل هى موجودة منذ عقود ، وربما يعد الفساد من أهم مواريث دولة مبارك و التى تمتد بامتداد دولة العسكر التى تمثل دولة مبارك جزء منها .
مركب الموت بالوراق
شاء الله أن تنفضح صفحة من صفحات الفساد التي ﻻ يمكن حصرها في دولة العسكر بغرق عبارة الوراق وموت قرابة 50 شخصا من ركابها ومعظمهم من الأطفال والنساء
رجال الإنقاذ يبحثون عن جثث ضحايا غرق عبارة الوراق :
ويروى أحد الناجين من العبارة مأساة غرق العبارة والتي حدثت في التاسعة صباحا أمام نيابة الوراق تفاصيل الحادث ، حيث قال : إنه استقل المركب للتنزه فى رحلة نيلية ودفع 5 جنيهات، وكان المركب يستقل قرابة 50 فردا وليس ثلاثين كما زعمت مصادر صحة الانقلاب.
أضاف شاهد العيان أنه أثناء الرحلة اصطدم المركب بصندل كبير وانقلب فى النيل وغرق الركاب وتمكن من إنقاذ نفسه.
فيما أكد شهود عيان على الواقعة ؛ أن المركب النيلى الذى تعرض للغرق، كان مقام عليه حفل زفاف، وقال مصدر أمنى إن الصندل كانت جميع أنواره مطفأة ولم يره أحد، كما أن قائده خالف جميع قواعد السير واصطدم بالمركب النيلى وقسمه من المنتصف وتسبب فى غرقه.
شاهد عيان يؤكد أن عدد ضحايا غرق عبارة الوراق حوالي 40 شخصا .
تعامل حكومة الانقلاب مع الحادث

رغم تلك الفاجعة المروعة والتي راح ضحيتها ٧ افراد من اسرة واحدة ، و١١ فرد من اسرة واحدة إلا أن فريق الإنقاذ جاء بعد وقوع الحادث بساعة كاملة وسط إستغاثات ومناشدات من الأهالي
كما غابت عن نقله جميع الفضائيات المصرية ؛ ولم يأخذ حقه اعلاميا بشكل قوى .
وفي تنصل تام من المسئولية قال المهندس سمير سلامة -رئيس هيئة النقل النهرى - إن تصادم المركب النيلى وصندل البضائع بالوراق جاء نتيجة مخالفتهما القانون وتعليمات الإبحار دون ذكر مسئولية الحكومة في مراقبة المجرى المائي.
وأوضح سلامة أن قائد المركب الغارق والصندل "ضربا بالقانون عرض الحائط.. فالمركب ليس له ترخيص إبحار من الأساس.. وصندل البضائع غير مسموح له بالإبحار ليلا".
مضيفا: "الكارثة وقعت نتيجة عدم التزام أى منهما بالقانون..وكانت النتيجة الأرواح التى زُهقت".
وقال سلامة : "واحد جاب مركب وشغله بالنيل ينقل المواطنين دون اتباع لأى قوانين..والثانى خالف تعليمات عدم الإبحار ليلا، نتيجة أن مجرى النيل غير مجهز بالإضاءة".
هذا هو رد مسئول كبير في حكومة الانقلاب وكأن الحكومة ﻻ علاقة لها بالأمر دون أدنى مسئولية وﻻ تحمل للعواقب وسط غياب تام لدور المؤسسات الرقابية التي سمحت للمركب أن يبحر دون ترخيص وللصندل أن يبحر ليلا مخالفا للقانون ودون وجود إضاءة بمجرى النيل .
في حين أكد مصدر أمني : أن العبارة التى تعرضت للغرق كانت تقل الأسر يوميًا من الوراق إلى جزيرة القلل الشهيرة بمنطقة عبد المنعم رياض بالوراق، وأشارت التحقيقات الأولية إلى أن العبارة، كانت تقل أكتر من 100 شخص، وأثناء خروجها تعرضت إلى الغرق دون معرفة الأسباب الفنية حتى الآن.
رد فعل الحقوقيين على الحادث

استنكر الكاتب أمين المهدي حادث غرق مركب في النيل بمنطقة الوراق وقال في تغريدة عبر حسابه على "تويتر": "مقتل 19 شخصًا إثر غرق قارب في النيل، فوضى المرور حتى في النيل، المصريون يموتون بكل مكان وبكل الوسائل في حكم الإقطاع العسكري"
قال أسعد هيكل، عضو لجنة الحريات بنقابة المحامين : إن كارثة غرق مركب الوراق في النيل الحزينة يوم الأربعاء، ذكرت الشعب المصري بكارثة غرق عبارة السلام 98 في البحر الأحمر في ليلة باردة من ليالي شتاء عام 2006، والتي كان محاميًا عن ضحاياها.
وقال "هيكل"، في تصريحات صحفية : أستطيع أن أقول الآن وأنا متأكد تمامًا، أن الأخطاء هي هي، لا توجد جواكت نجاة بالمركب، ولا توجد قواعد محددة وواضحة للملاحة النهرية في النيل، ولا تجد وسيلة سريعة للإنقاذ، وستتعامل الحكومة مع هذا الحادث بنفس سياسات رد الفعل، شأنها شأن الحكومات الماضية، في تعاملها مع كل الكوارث السابقة".
وأضاف أن "المسئول غير المناسب وغير الكفء، مازال في الموقع غير المناسب، ومعظم أهل الوساطة والمحسوبية والرشوة والفساد لا يزالون يشغلون مناصبهم، بل ويورثونها، جيلا فاسدا لجيل أفسد منه".
وتابع: "مازلنا نحن يا مصرنا الحبيبة ننشد فيك التغيير ونتشبث معك بالأمل، ولا نملك بعد ثورتين بذل فيها المصريون الغالي والنفيس من أرواح ودماء أبنائهم، سوي أن ندعو الله بالرحمة والمغفرة لكل ضحايا الإهمال والفساد ولكل شهداء الوطن".
رد فعل أهالي ضحايا الحادث
تجمهر أهالي ضحايا حادث غرق مركب الوراق أمام مستشفى معهد ناصر وطالبوا باستلام جثامين ذويهم .
كمال كامل فقد 7 من أسرته في حادث غرق عبارة الوراق :
بينما قام عدد من أهالي المتوفيين بالحادث، بقطع طريق الكورنيش الجديد أمام حركة المرور ، وأشعلوا النيران فى القمامة ووضعوا حواجز من النخيل وأحجار وسط الطريق ، اعتراضا على أداء الغواصين المكلفين بانتشال الجثث ، متجهين فى مسيرة إلى قسم شرطة الوراق موقع الحادث.
وأفاد شهود عيان أن مشادات نشبت بين عدد من أهالى ضحايا المركب الغارق بمنطقة الوراق، وقوات الإنقاذ النهرى والحماية المدنية، بعد قيام رجال الإنقاذ بانتشال المركب من مياه نهر النيل.
وردد البعض هتافات: "عاوزين ولادنا مش عاوزين المركب".
وأشار الأهالي إلى أن الصيادين هم من قاموا بعمليات الإنقاذ منذ وقوع الحادث، مساء الأربعاء، بينما لم يقم الغواصين بانتشال أي جثة.
وفي نفس السياق، جاءت قوة أمنية من قسم الوراق، لإعادة فتح الطريق عن طريق إطلاق طلقات تحذيرية لتفريق تجمهر الأهالي.
في حين حاول عدد من اهالي ضحايا كارثه الوراق ، بالإعتداء علي محافظ الجيزه الدكتور خالد زكريا اثناء تواجده في مستشفي التحرير العام بمنطقة إمبابة لمتابعه ضحايا كارثه غرق مركب الوراق، وحمل اهالي الضحايا المسئولين في المحافظه مسئوليه الكاملة عن الحادث .
هذا هو ثمن الإنسان في مصر .. فمن يدفع أكثر ؟

وفي إستهانة بحياة البشر أكد اللواء علاء الهراس، نائب محافظ الجيزة للأحياء، أن المحافظة ستصرف 20 ألف جنيه لأسرة كل متوفى بحادث غرق مركب الوراق، مقسمة على 10 آلاف من وزارة التضامن الاجتماعى و10 آلاف من المحافظة، بجانب صرف 5 آلاف جنيه لأسر المصابين.
وهذا هو ثمن المصري في وطنه .
ويبقى الموت في مصر هو الحقيقة الوحيدة المؤكدة فإن لم تمت برصاص الداخلية فلتمت في سجونها ؛ وإن لم تمت متتحرا فلتمت في حادث سير أو قطار أو عبارة موت .. لكن المشهد الوحيد الحقيقي في مصر أنك ميت على أية حال .

