قليلة هي المنصات والمواقع التي تناولت الحملة التي تشنها فرنسا على المسلمين ومراكزهم ومعاهدهم العلمية من المقيمين فيها، تحت ستار محاربة جماعة الإخوان المسلمين.
وأغلب هذه المنصات والمواقع مدعوم إماراتيًا سواء انطلق من مصر أو من "أبوظبي" كما منصتي "حفريات" و"العين الإخبارية" اللتين تنحازن (كنموذج) لرؤية عاصمة الثورة المضادة وشيطان العرب التي تناصب الإخوان العداء بشهادات غير منصفة بحق جماعة كان رموزها من المقربين لأحد مؤسسي الإمارات العربية المتحدة قبل أن تفرض أبوظبي سطوتها على الإمارات السبع.
آخر المحطات كانت تصريح مدير المخابرات الفرنسية أن "الإخوان المسلمون يريدون تحويل فرنسا إلى دولة خلافة بتطبيق الشريعة الإسلامية"!
وقال رئيس الاستخبارات الإقليمية الفرنسية، برتران شامولود، إنه "يحذر من توسع تأثير الإخوان في البلاد"، مدعيًا أن "هدفهم النهائي يتمثل في إقامة "خلافة في فرنسا وأوروبا عبر فرض الشريعة".!
وفي 9 ديسمبر الجاري، استضاف مركز تابع لأبوظبي مجموعة من المدفوعين في العاصمة الفرنسية باريس، لحضور جلسة بعنوان: "التعايش والنزعة الانفصالية عند الإخوان: رؤى متقاطعة."!
وكان بين ما اهتمت به المنصات الإلكترونية توزيع "كتاب" عنوانه (لماذا انفصلت عن جماعة الإخوان المسلمين؟)، للمهندس المغربي محمد لويزي (يقيم في فرنسا)، والذي يدّعي أنه نشاط بحثي إلا أنه ركز على "تجربة" شخصية مع العمل الإسلامي الحركي؟!
وتزامنت حرب أبوظبي المتصلة في فرنسا ضد الإخوان المسلمون مع حملة أمنية شملت عمليات تفتيش فرنسية لـ (المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية) بسبب شبهات "غسل أموال" والزعم أن المعهد تابع لتنظيم الإخوان!
وفتشت الداخلية الفرنسية "المعهد" في بلدية سان ليجيه دو فوجريه، بعد بلاغ في 2023 بموجب المادة 40 من قانون الإجراءات الجنائية، التي تلزم الموظفين الحكوميين بالإبلاغ عن الجرائم.
وزعم التحقيق أن شبهات غسل الأموال، وإساءة الأمانة، وعدم الامتثال للتصريح بالتمويلات الأجنبية، التي تصل إلى 300 ألف يورو.
يشار إلى أن الحكومة الفرنسية صادرت أجهزة كمبيوتر وأموال، فضلاً عن حرمان المعهد من فتح حسابات مصرفية بمنع البنوك من التعامل معه!
كما شملت الحملة عمليات مداهمة في ديسمبر 2024 لـ "معهد دراسات الشريعة" في فرنسا، وزعمت منصات أبوظبي أنه تابع لجماعة الإخوان، علما بأن إدارته تنفي عن نفسها الانضواء ضمن الجماعة.
وتأسس المعهد في 1992 عبر مؤسسة "مسلمي فرنسا"، ويضم أكثر من 500 طالب لتعزيز تدريب علماء وطلاب علم شرعي، منصات أبوظبي على السوشيال أدعت أن معهد الشريعة تحول لأداة لتنفيذ أجندات "الإخوان" وأخونة المجتمع الفرنسي!!
قوقعة كاتب مسيحي
وضمن أبرز الأدلة على عشوائية ما تطلقه الحكومة الفرنسية وأجهزتها الأمنية سواء في المخابرات أو الداخلية من نسبة هذه المراكز والمعاهد العلمية ومعارضين عرب ومسلمين بـ"الإخوان المسلمين" الكاتب السوري مصطفى خليفة، صاحب رواية (القوقعة)، والتي يسجل فيها شهادة صادمة عن سنوات الاعتقال السياسي في السجون السورية.
إلا أن الكاتب وضمن الرواية سرد على ألسنة أبطال روايته بأسلوب أدبي مؤثر وقاسٍ تجربة الكاتب الشخصية عندما اعتُقل بعد عودته من فرنسا وأتهامه بالانتماء إلى تنظيم الإخوان المسلمين، رغم كونه مسيحيًا..
الرواية تُروى بلسان البطل، الذي يعيش في عزلة خانقة أشبه بالقوقعة، حيث يُسجن في سجن تدمر سيئ السمعة، ويواجه وحشية التعذيب الجسدي والنفسي، والقتل العشوائي، وظروف الاعتقال اللاإنسانية. يعرض خليفة عبر السرد تفاصيل دقيقة عن قسوة السجانين وحياة المساجين التي يسودها القمع والخوف، لكنه في الوقت ذاته يرصد قوة الإنسان في التكيف مع الألم ومحاولته الحفاظ على كرامته في وجه الاضطهاد.
"القوقعة" ليست مجرد رواية عن الاعتقال، لكاتب مسيحي أمضى 13 عامًا في سجن تدمر، بل شهادة إنسانية عن صراع الإرادة في مواجهة آلة القمع، لتكشف بشاعة الأنظمة الديكتاتورية وانتهاكها للإنسانية. الرواية تثير أسئلة عميقة حول الحرية، الظلم، والقدرة على البقاء.
كريم بنزيما
وفي أكتوبر الماضي 2023، تقدم محامي لاعب كرة القدم ومنتخب فرنسا كريم بنزيما بدفوع تؤكد بـأن اللاعب الشهير عالميًا والذي يلعب حاليًا لأحد الأندية السعودية قدم شكاوى ضد 4 أشخاص كبار في فرنسا ومنهم وزير الداخلية الفرنسي السابق جيرالد دارمانين الذي اتهمه أنه من جماعة الاخوان المسلمين!
كما قدم شكوى ضد عضوة البرلمان الأوروبي نادين مورانو التي قالت بأن بنزيما متواطئ مع حماس وضد عضو البرلمان الأوروبي فرانك تابيرو، الذي قال إن بنزيما متواطئ مع حماس وضد النائبة البرلمانية الفرنسية فاليري بوايي التي طلبت بشكل رسمي سحب الجنسية من كريم بنزيما.
السترات الصفراء
ومن أبرز استدعاء الشماعة كان نصيحة من عبدالفتاح السيسي وإعلامه المهداة إلى الرئيس ماكرون في ديسمبر 2018، من أن "الإخوان" يقفون وراء احتجاجات السترات الصفراء في فرنسا!"، وهي دعاية رددها عصابات اللجان الإلكترونية الإماراتية والسعودية .
الانقلابي الهالك عزمي مجاهد، كان يلوم الإخوان على ثورة أصحاب السترات الصفراء في فرنسا التي قال إنها بحاجة إلى سيسي آخر لينقذها من "الوحل"، بل زعم أن أوروبا كلها بحاجة إلى شخص مثل السيسي!