الآن بعد انتهاء العدوان الصهيوني على غزة، وإن كان مؤقتًا، ما زال الصهاينة، بعد ما يقرب من 500 يوم منذ هجوم 7 أكتوبر، يبحثون عن إجابة عن هذا السؤال: لماذا شنت حماس بهذا الهجوم؟
وفي الوقت نفسه، يتجاهلون حقيقة أن الفلسطينيين كسروا حاجز الخوف منذ وقت طويل، وأن هذا التغيير الجذري لم تلتقطه الرادارات الصهيونية.
إنه تغيير دراماتيكي لا يبشر بالخير للاحتلال.
قراءة الصهاينة لواقع العلاقة مع غزة، وحماس في قلبها، بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، تحمل دلالات خطيرة، أهمها أن حوالي 90 أسيرًا ما زالوا على بعد مئات الأمتار، أو كيلومترات قليلة على الأكثر، من جيش الاحتلال، الذي لا يزال عاجزًا عن إنقاذهم.
وأثارت أحداث أكتوبر، بعد مرور أكثر من 15 شهرًا، تساؤلات لدى المحتل: كيف يمكن لغزة "الصغيرة" أن تبدأ حربًا شاملة ضد "أقوى" قوة في الشرق الأوسط، وتطلق آلاف الصواريخ عليها كما فعلت في كل جولة من السنوات الأخيرة، بينما يستمر وجود حماس في غزة، رغم الإصابات الخطيرة التي تعرضت لها؟
قُدمت إجابات لهذه الأسئلة في السنوات الأخيرة بوضوح وشفافية، لكن الصهاينة لم يقرأوها جيدًا.
النتيجة أن ما حدث في أكتوبر 2023 دليل على أن حماس تسلقت الجدار، بل كسرته وفجرته ودخلت عبره لتنفيذ هجوم لم يتخيل الاحتلال أنه سيكون بمثل هذه الخطورة والعنف.
اليوم، بعد عودة الفلسطينيين إلى منازلهم، وظهور المقاتلين من أنفاقهم وتسليمهم الأسرى الصهاينة في مشاهد غير مسبوقة، بدأ الصهاينة في إظهار حاجتهم للاستماع ببساطة إلى ما يقوله الفلسطينيون في غزة، دون التقليل من قيمة كلماتهم، ودون إغلاق آذانهم. إنهم سيسمعون أن استعداد الفلسطيني العادي في غزة للقتال من أجل حريته لم يتغير.
الاحتلال يواجه الأسئلة الصعبة
بعد حوالي 500 يوم من القصف بملايين القذائف والمتفجرات، لا يزال الفلسطينيون في غزة، الذين طوروا حاسة شم قوية، لا يشعرون بنهاية حماس بينهم.
على العكس تمامًا، يرون أن حماس، حتى بعد هذه الأشهر الطويلة من القتال، لا تزال تسيطر على كل شيء، من الشمال إلى الجنوب.
الإحباط الصهيوني يؤكد أن اجتياح غزة بالكامل، والادعاءات بتفكيك كتائب وألوية حماس، لم تحقق النتيجة المرجوة.
وفقًا لتقييم الاحتلال الحالي، وبعد إعلان اتفاق وقف إطلاق النار، ستظل حماس في الحكم في غياب بديل حاكم، وعلى الرغم من أن الحرب الصهيونية وفرت فرصة لتغيير الواقع القائم في غزة، فإن التغيير الذي يسعى الاحتلال إلى جعله أكثر دراماتيكية سيجلب له الندم لسنوات قادمة.
إعلان الاحتلال منذ اليوم الأول للحرب بأن الهدف الرئيسي هو إسقاط سلطة حماس في غزة، وقلب الصفحة على سيطرتها على القطاع، لم ينجح في تحقيق هذا الهدف، مما يثير تساؤلات حول سبب هذا الفشل.
رغم الدعم الأمريكي والغربي الهائل الذي حصل عليه الاحتلال، إلا أن العدوان لم يسفر عن الإطاحة بحماس بالكامل.
ما بعد الحرب.. المعضلة المستمرة
حقيقة انتهاء الحرب على غزة، وإن كان مؤقتًا، يقابلها أن حماس لا تزال بعيدة عن القضاء عليها. هذا يكشف عن صراع في الأهداف الصهيونية بين المستويات السياسية والعسكرية، بينما تثبت حماس قدرتها على الصمود أمام كل هذا الترسانة العسكرية المميتة.
عدم قدرة الاحتلال الصهيوني على القضاء على حماس يسلط الضوء على فشل الاحتلال في فرض خيارات محلية أو إقليمية أو دولية لحل في غزة.
هذا الفشل يعكس التناقض في سياسات الاحتلال الصهيوني، ويشير إلى صعوبة تحقيق الأهداف المعلنة وسط التحولات الجذرية في المنطقة.