في قضية أثارت جدلًا واسعًا واستنكارًا حقوقيًا، يواجه 27 مصريًا عقوبة الإعدام في المملكة العربية السعودية، وسط تقارير عن انتهاكات جسيمة لحقوقهم الأساسية، في ظل صمت رسمي مصري.
وقد كشفت المنظمة السعودية الأوروبية لحقوق الإنسان عن دخول هؤلاء المحكومين في إضراب عن الطعام داخل سجن تبوك، احتجاجًا على ما وصفوه بحرمانهم من حقوقهم الأساسية، بما في ذلك التواصل مع عائلاتهم، فضلًا عن أوضاعهم المعيشية المتدهورة.
انتهاكات جسيمة وممارسات قاسية
أشارت المنظمة إلى أن هؤلاء المعتقلين تعرضوا لانتهاكات شنيعة، شملت التعذيب وسوء المعاملة، حيث يتم احتجازهم في غرفة واحدة، ويتم اقتيادهم واحدًا تلو الآخر بطرق مهينة.
وتؤكد التقارير الحقوقية أن عدد المصريين الذين واجهوا عقوبة الإعدام في السعودية يصل إلى 33 شخصًا، حيث تم تنفيذ الحكم في ستة منهم بالفعل، وسط تكتم رسمي وإجراءات تنفذ بسرية تامة.
قلق أممي ودعوات لتعليق الإعدامات
في ديسمبر الماضي، سلط تقرير صادر عن الأمم المتحدة الضوء على قلق خبيرين أمميين مستقلين بشأن تنفيذ أحكام الإعدام بحق ثلاثة مصريين في السعودية، في ظل ما وصفوه بعدم توفر محاكمات عادلة.
وأصدر كل من موريس تيدبول بينز، المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء، وأليس جيل إدواردز، المقررة الخاصة المعنية بالتعذيب، بيانًا مشتركًا طالبا فيه الحكومة السعودية بوقف تنفيذ الإعدامات الوشيكة لمواطنين من مصر والأردن.
وأكد البيان أن الأجانب في السعودية غالبًا ما يكونون في وضع قانوني ضعيف، وهو ما يجعلهم عرضة لعدم تلقي الضمانات القانونية الكافية منذ لحظة اعتقالهم وحتى مراحل المحاكمة.
وأشار إلى أن نسبة الإعدامات التي تم تنفيذها بحق الأجانب في قضايا المخدرات بلغت 75% من إجمالي أحكام الإعدام خلال عام 2024، مما يثير الشكوك حول مدى عدالة الإجراءات القضائية المتبعة.
سرية الإعدامات وحرمان العائلات من الجثامين
من بين أكثر الجوانب إثارة للقلق، تنفيذ أحكام الإعدام دون إخطار العائلات أو الممثلين القانونيين، حيث يُترك ذوو الضحايا في حالة من الصدمة وعدم اليقين بشأن مصير أبنائهم.
ووفقًا لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، فإن عائلات المحكومين لا يتم إبلاغها بمكان وجود الجثث بعد الإعدام، كما يتم رفض طلباتهم لاستلامها، في ممارسة توصف بأنها قاسية ومجحفة.
وأشار الخبيران الأمميان إلى أن رفض السلطات السعودية إبلاغ المدانين وأسرهم بموعد الإعدام، يمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، مما يحرمهم من فرصة الاستعداد النفسي والقانوني.
كما أن السرية المفروضة على تنفيذ الإعدامات تؤدي إلى حرمان المتهمين من حقهم في استئناف أحكامهم أو طلب العفو.
اتهامات بعدم عدالة المحاكمات
من جانبها، أكدت الباحثة جوي شيا، من منظمة "هيومن رايتس ووتش"، أن معظم الأجانب المحكوم عليهم بالإعدام في السعودية لم يحصلوا على تمثيل قانوني كافٍ، مشيرة إلى أن "99% من الحالات التي وثقتها المنظمة لم يُسمح فيها للمتهمين بالوصول إلى محامين".
حتى في الحالات التي يتم فيها تعيين محامين، لا يبدو أنهم يعملون بجدية للدفاع عن المتهمين، وفق شيا.
أما الباحثة دانا أحمد، من منظمة العفو الدولية "أمنستي"، فقد أكدت أن المنظمة وثقت عدة حالات، منذ عام 2013، شهدت انتهاكات صارخة، من بينها الاعتقال والاستجواب دون محامٍ، واستخدام الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب كأدلة إدانة.
وأشارت إلى أن القضاء السعودي يتجاهل تلك الانتهاكات، ويصدر أحكامًا بالإعدام بناءً على اعترافات مشكوك في صحتها.
تجاهل مصري رسمي
ورغم كل هذه التقارير الحقوقية والنداءات الأممية، تواصل سلطات السيسي الصمت إزاء هذه القضية التي تخص مواطنين مصريين يواجهون مصيرًا مأساويًا، ولم يصدر السيسي أي تصريحات رسمية تدعو للتدخل أو تطالب بإعادة محاكمتهم وفقًا لمعايير العدالة الدولية، وهو ما يثير تساؤلات حول موقف حكومة السيسي من رعاياها في الخارج.