كشفت صحيفة "هآرتس" الصهيونية، أن أقوال رئيس “الشاباك” السابق نداف أرغمان، في مقابلة مع أخبار 12 الخميس الماضي يجب أن تفهم في سياق متعدد المستويات، خصوصًا التوتر البنيوي بين “الشاباك” والحكومة في الدولة الديمقراطية.
ازداد هذا التوتر في السنة التي سبقت 7 أكتوبر 2023، عقب محاولة الانقلاب النظامي التي قادتها الحكومة برئاسة نتنياهو، فيما هو متهم جنائيًا مع تضارب للمصالح. وازداد التوتر أكثر منذ 7 أكتوبر عقب محاولة بائسة من نتنياهو للتملص من مسؤوليته عن الإخفاق وإسقاطه حصرًا على جهاز الأمن بما فيه “الشاباك” (الذي أخذ رئيسه، رونين بار، على عاتقه مسؤولية علنية عن نصيبه في الكارثة، بخلاف نتنياهو).
وأضافت "هآرتس" ثمة مصدر آخر للتوتر بين “الشاباك” والحكومة، وهو المفاوضات على شبكة تحرير المخطوفين والتأثير الذي كان على المصالح السياسية المرتبطة فقط وحصريًا ببقاء الحكومة على التفويض الذي أعطي للمسؤولين عن المفاوضات من إسرائيل للمضي بالصفقة.
وهناك توتر آخر يعتمل حول تحقيق “الشاباك” والشرطة في العلاقة بين رجال مكتب رئيس الوزراء ومحافل ترتبط بقطر (“قطر غيت”).
ويضاف إلى هذه العوامل استئناف يريف لفين وشركائه للانقلاب النظامي، وتسييس فظ للشرطة تحت بن غفير (والآن منفذ كلمته)، ونية تسييس الجيش الإسرائيلي وأجهزة الأمن، بما في ذلك تطهيرات سياسية، من ضمنها رونين بار.
إلى جانب نقاط الاحتكاك هذه، في الخلفية خطوات اتخذتها الحكومة لتنحية المستشار القانوني للحكومة، غالي بهرب ميارا، ورفض وقح من نتنياهو وحكومته لإقامة لجنة تحقيق رسمية لأحداث 7 أكتوبر.
سأخبرهم بكل شيء
المقابلة الصحافية مع أرغمان بدأت بقلق رئيس “الشاباك” السابق من نية نتنياهو إقالة بار وتعيين بديل “من جماعتهم” لهذا المنصب الحساس. قال أرغمان إنه إذا عمل نتنياهو بخلاف القانون، فسيروي “كل ما يعرفه عنه”.
وقالت الصحيفة: أرغمان لم “يبتز رئيس الوزراء بالتهديد في بث حي ومباشر”، وأسلوبه نقيض تام لأسلوب المافيا، لكنه فتح اليوم صندوق مفاسد لا يمكن تجاهله، وجدير بفحص محتواه بعمق. إذا كان لدى أرغمان معلومات تدين نتنياهو بأعمال غير قانونية، فواجبه أن يكشف عنها، إن لم يكن مباشرة للجمهور فللجهات المختصة، بشكل يضمن المعالجة المناسبة للمعلومات. لا سبب يجعله ينتظر نتنياهو حتى يخرق القانون. ثمة أهمية كبرى في إخراج الحقيقة إلى النور. الأمر الأخير الذي يحتاجه الجمهور في هذا الوقت هو تبادل الاتهامات من فوق رأسه.
وأوضح أن إقالته ليست بسبب أحداث 7 أكتوبر 2023، وأن التحقيقات بشأنها كشفت أن سياسات الحكومة خلال العام الماضي لها دور أساسي في الإخفاق، معتبرا أن طلبات نتنياهو بالولاء الشخصي تتناقض مع القانون والمصلحة العامة للدولة.
وقال إن من حق الجمهور معرفة ما الذي أدى إلى انهيار مفهوم الأمن في دولة إسرائيل، وأضاف أن التحقيق كشف عن تجاهل متعمد وطويل الأمد من المستوى السياسي لتحذيرات جهاز الشاباك.
ردود الفعل
وفي ردود الفعل على قرار نتنياهو إقالة بار، قالت المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية في رسالة إلى رئيس الوزراء "لا يمكنك إقالة رئيس الشاباك رونين بار"، بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت.
كما نقل موقع أكسيوس الأميركي عن مسؤولين إسرائيليين أن نتنياهو ضغط على رئيس الشاباك منذ أسابيع للاستقالة لكنه رفض.
وبحسب الموقع، فإن مساعدين لنتنياهو يقولون إنه استلهم من حملة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتطهير الدولة العميقة وتعيين موالين له.
ومن جانبه، اعتبر زعيم المعارضة يائير لبيد أن طريقة نتنياهو "المخزية" في إقالة رئيس الشاباك تشير إلى فقدانه السيطرة على أعصابه وانهيار القيم، وأن الإقالة في هذا الوقت "غير مسؤولة وتدل على عدم الاهتمام بمصير الرهائن". وأضاف أنه سيتم الطعن أمام المحكمة العليا في قرار إقالة بار.
بدوره، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت إن إسرائيل لن تتمكن من التعافي إلا باستقالة نتنياهو، مؤكدا أن قادة الجيش والمخابرات والشاباك ووزير الدفاع فشلوا وتحملوا المسؤولية، ونتنياهو يتهرب من مسؤولياته.
وأضاف بينيت أن سياسة نتنياهو الانهزامية سمحت لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحزب الله اللبناني "ببناء نفسيهما كقوى إرهابية على حدودنا"، وقال إن نتنياهو يتحمل مسؤولية فشل التاريخ الإسرائيلي وكان عليه أن يستقيل منذ زمن.
وفي المقابل، قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير إنه يرحب بقرار رئيس الحكومة إقالة بار، مضيفا "هذا ما كنت أطالب به منذ مدة طويلة".
كما اعتبر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أن استبدال بار "خطوة ضرورية، وكان الأفضل له أن يتحمل المسؤولية ويستقيل قبل أكثر من عام".
وفي الأيام الأخيرة، احتدمت الخلافات بين نتنياهو والشاباك، بعدما انتقد رئيس الوزراء نتائج تحقيق أجراه الجهاز بشأن أحداث 7 أكتوبر 2023، معتبرا أنها "لا تجيب عن الأسئلة".
وأقر الشاباك الثلاثاء الماضي بفشله في تقييم قدرات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قبل 7 أكتوبر 2023، وألمح إلى مسؤولية نتنياهو عن "رسم سياسة فاشلة على مر السنين".
وبعد صدور نتائج تحقيق الشاباك، دعا لبيد، ورئيس حزب معسكر الدولة المعارض بيني غانتس، نتنياهو إلى الاعتذار، وأكدا أنه "يحاول إلقاء اللوم على الآخرين".