شهدت مصر خلال السنوات العشر الماضية ارتفاعًا غير مسبوق في الدين العام، حيث كشفت التقارير الصادرة عن وزارة المالية عن تضاعف الدين العام "المحلي والخارجي" لأجهزة الموازنة العامة بأكثر من 17 ضعفًا خلال 16 عامًا، وتحديدًا منذ العام المالي 2008/2009 وحتى 2023/2024. هذه القفزة أثارت تساؤلات عديدة حول أسبابها وتأثيراتها على الاقتصاد والمواطن المصري.
17 ضعفًا في الدين العام خلال 16 عامًا
وفقًا للتقارير الرسمية، ارتفع الدين العام "المحلي والخارجي" لأجهزة الدولة من 705 مليارات جنيه في نهاية عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك عام 2008/2009 إلى 12.5 تريليون جنيه بنهاية العام المالي 2023/2024 في عهد عبدالفتاح السيسي، هذا الارتفاع يعكس زيادة ضخمة بنسبة تجاوزت 1600%.
حجب البيانات وضغط صندوق النقد الدولي
في السنوات الأربع الأخيرة، امتنعت وزارة المالية عن نشر بيانات الدين العام حتى طالب صندوق النقد الدولي بالكشف عنها كجزء من التزام الحكومة بالشفافية المالية، مما دفع الوزارة إلى نشر الأرقام التي كشفت عن هذه القفزة الكبيرة في مستويات الدين.
مضاعفة الدين المحلي في ثلاث سنوات فقط
بين عامي 2011 و2014، وخلال فترات حكم المجلس العسكري والرئيس محمد مرسي والرئيس المؤقت عدلي منصور، ارتفع الدين العام "المحلي والخارجي" بنسبة 80%، إذ ارتفع من 966 مليار جنيه في يونيو 2011 إلى 1.74 تريليون جنيه في يونيو 2014.
وكان العامل الرئيسي في هذا الارتفاع هو زيادة الدين المحلي من 808 مليارات جنيه إلى 1.53 تريليون جنيه، بينما ارتفع الدين الخارجي من 158.7 مليار جنيه إلى 204.6 مليار جنيه خلال نفس الفترة.
زيادة قيائية خلال عهد السيسي: 7 أضعاف في 10 سنوات
منذ تولي عبد الفتاح السيسي الحكم في يونيو 2014، شهد الدين العام زيادة حادة، حيث ارتفع بأكثر من 7 أضعاف، بنسبة 618%.
وقفز الدين العام من 1.74 تريليون جنيه في يونيو 2014 إلى 12.5 تريليون جنيه في يونيو 2024، بزيادة قدرها 10.7 تريليون جنيه خلال عقد واحد.
كما شهدت السنتان الأخيرتان فقط قفزة استثنائية، إذ ارتفع الدين العام من 6.92 تريليون جنيه في 2021/2022 إلى 9.66 تريليون جنيه في يونيو 2023، ثم وصل إلى 12.5 تريليون جنيه في يونيو 2024.
أسباب القفزة المديونية
يعود الارتفاع الحاد في الدين العام إلى عدة عوامل، أبرزها:
- التوسع في الاقتراض المحلي: اعتمدت حكومة السيسي، بشكل متزايد على أذون وسندات الخزانة لتمويل عجز الموازنة.
- انخفاض قيمة الجنيه المصري: تراجعت قيمة الجنيه من 7 جنيهات للدولار في 2014 إلى أكثر من 50 جنيهًا للدولار في 2024، مما أدى إلى ارتفاع تكلفة خدمة الديون الخارجية.
- زيادة الدين المحلي: ارتفع الدين المحلي من 1.5 تريليون جنيه في يونيو 2014 إلى 8.7 تريليون جنيه في يونيو 2024.
- التوسع في الاقتراض الخارجي: قفز الدين الخارجي من 204 مليارات جنيه في يونيو 2014 إلى 3.8 تريليون جنيه في يونيو 2024.
نصيب الفرد من الدين العام.. قفزة 12 ضعفًا
أدى هذا التراكم الكبير في الديون إلى زيادة نصيب الفرد من الدين العام بأكثر من 12 ضعفًا، حيث ارتفع من 9.2 ألف جنيه في 2008/2009 إلى 116.8 ألف جنيه في 2023/2024.
وكان نصيب الفرد قد تضاعف خلال فترة حكم المجلس العسكري والرئيس محمد مرسي وعدلي منصور بنسبة 66%، من 12 ألف جنيه إلى 20 ألف جنيه، لكنه قفز بمقدار 5 أضعاف خلال سنوات حكم السيسي، بنسبة 484%، ليصل إلى 116.8 ألف جنيه.
التداعيات الاقتصادية
إن هذا الارتفاع الهائل في الدين العام يثير مخاوف كبيرة حول تأثيره على الاقتصاد الوطني، حيث يؤدي إلى:
- زيادة أعباء خدمة الدين: مما يقلل من الإنفاق الحكومي على الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية.
- ارتفاع معدلات التضخم: بسبب الاعتماد المتزايد على الاقتراض المحلي والطباعة النقدية.
- ضعف قيمة الجنيه المصري: نتيجة ارتفاع الطلب على الدولار لسداد الديون الخارجية.