حذر الدكتور عصام حجي من خطورة الوضع في الإسكندرية، مؤكدًا أنها تغرق بالفعل، وأشار إلى وجود حالة من الإنكار غير المبرر من قبل الجهات المعنية

https://x.com/ThawretShaaab/status/1903053982366568938

وقال د.عصام حجي إن "الإسكندرية تغرق اليوم وليس في المستقبل" ضمن تحذيرات قوية ومهمة من الدكتور عصام حجي للمدينة التي تتعرض لخطر كبير داهم، واهتمام عالمي غير مسبوق بالبحث الذي تم نشره تحت إشرافه لفريق كبير من الباحثين من مختلف البلاد.

وأبدى حجي في الفيديو المنشور عبر حسابات على إكس ومنها حسابه تعجبًا من حالة من الإنكار غير المبرر من سلطات الانقلاب.

وعلى مدار السنوات العشرين الماضية، دُمر 280 مبنى بسبب تآكل السواحل، مع تعرض سبعة آلاف مبنى آخر لخطر الانهيار في المستقبل.

وقال الدكتور عصام حجي، عالم المياه بجامعة جنوب كاليفورنيا، والذي شارك في دراسة عن تأثير المناخ على الإسكندرية : "نحن نشهد اختفاءً تدريجيًا للمدن الساحلية التاريخية، والإسكندرية تدق ناقوس الخطر. ما بدا ذات يوم وكأنه مخاطر مناخية بعيدة أصبح الآن حقيقة واقعة".

وأشار إلى أن ارتفاع مستوى سطح البحر لا يحتاج إلى أن يكون دراماتيكيًا حتى تكون له عواقب كارثية. موضحًا أنه "تتحدى دراستنا المفهوم الخاطئ الشائع بأننا لن نحتاج إلى القلق إلا عندما يرتفع مستوى سطح البحر بمقدار متر واحد".

وأشار إلى أن ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار بضعة سنتيمترات فقط يزيد من خطر الفيضانات، والأهم من ذلك، يسمح للمياه المالحة بالتغلغل بشكل أكبر في المدن الساحلية. ومع ارتفاع مستوى المياه الجوفية، فإنها تتلامس مع أساسات المباني، ويؤدي تسرب المياه المالحة الناتج عن ذلك إلى تقويض الهياكل قبل فترة طويلة من ملامستها المباشرة للبحر حتى تلك العمارات البعيدة عن الشاطئ لتأكل هيكلها بالمياه الجوفية.

 

دراسة

وتوقعت دراسة حديثة من جامعة نانيانغ التكنولوجية «NTU»، في سنغافورة، أن مستويات سطح البحر العالمية قد ترتفع بمقدار مذهل يبلغ 6.2 قدمًا (1.9 متر) بحلول عام 2100 إذا استمرت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون «CO2» في الزيادة.

وجمع الباحثون بين صور الأقمار الصناعية والخرائط التاريخية لمعرفة مدى سرعة اختفاء ساحل المدينة منذ ثمانينيات القرن التاسع عشر.

وقد كشف هذا عن أن ساحل الإسكندرية تحرك إلى الداخل بعشرات الأمتار على مدى العقود القليلة الماضية، مع تراجع بعض المناطق بمقدار 3.6 متر سنويًا.

وأخذ الباحثون عينات من التربة حول المدينة للنظر في «البصمة الكيميائية» المرتبطة بتسرب المياه المالحة للتربة في غالب مدن مصر على الساحل للبحر المتوسط.

 

تحذيرات شديدة

وحذر الباحثون من أن المدينة، التي كانت ذات يوم موطنًا لعجائب العالم القديم، مكتبة الإسكندرية العظيمة ومنارة الإسكندرية، تختفي الآن تدريجيًا.

وفي العقد الماضي وحده، تسارع معدل الانهيارات من انهيار واحد سنويًا إلى 40 انهيارًا «مقلقًا» سنويًا مع زحف المياه المالحة إلى أسفل أساسات المدينة.

وأيدت  سارة فؤاد، المؤلفة الرئيسة للدراسة، وهي مهندسة معمارية للمناظر الطبيعية في الجامعة التقنية في ميونيخ ما ذكره "حجي" وقالت: "على مدى قرون، كانت هياكل الإسكندرية بمثابة عجائب للهندسة المرنة، وتحمل الزلازل والعواصف وأمواج المد العارمة وغير ذلك".

واستدركت، "لكن الآن، تعمل البحار المرتفعة والعواصف الشديدة -التي تغذيها تغير المناخ- على التراجع في غضون عقود عن ما استغرق آلاف السنين من الإبداع البشري لإنشائه".

 

علماء جيولوجيا

البروفيسور إبراهيم صالح، عالم تربة من جامعة الإسكندرية، مؤلف مشارك للدكتورة "فؤاد" قال: "كشف تحليل النظائر لدينا أن المباني تنهار من الأسفل إلى الأعلى، حيث يتسبب تسرب مياه البحر في تآكل الأساسات وإضعاف التربة.. ليس المباني نفسها، بل الأرض تحتها هي التي تتأثر".

وأدى هذا إلى انهيار مئات المباني الواقعة على بعد كيلومتر واحد من الساحل. ومن المثير للقلق أن الباحثين يشيرون إلى أن هذه المشاكل ليست فريدة من نوعها في الإسكندرية ويمكن أن تؤثر على المدن الساحلية في جميع أنحاء العالم.

 

فلسفة الغرق

ومع انخفاض الانهيارات الأرضية نحو مستوى سطح البحر، تصبح المياه المالحة قادرة على اختراق المزيد من الداخل وتقويض المزيد من المباني. ولمعالجة هذه القضايا، يقترح الباحثون عددًا من الحلول الممكنة، بما في ذلك بناء كثبان رملية على طول الساحل، أو رفع المباني، أو نقل الناس إلى المناطق الأكثر ضعفًا.

الدكتور حجي أوضح أن "المدن التاريخية مثل الإسكندرية، التي تمثل مهد التبادل الثقافي والابتكار والتاريخ، تشكل أهمية بالغة لحماية تراثنا الإنساني المشترك. ومع تسارع تغير المناخ في ارتفاع مستوى سطح البحر وتآكل السواحل، فإن حمايتها لا تقتصر على إنقاذ المباني؛ بل تتعلق بالحفاظ على هويتنا".

 

عاصمة اسكندر

وتأسست المدينة الأكبر في الساحل، على يد الإسكندر الأكبر وحتى ولادة كليوباترا، كانت مدينة الإسكندرية القديمة موقعًا لبعض أهم لحظات التاريخ.

وأسس مدينة الإسكندرية الإسكندر الأكبر في عام 331 قبل الميلاد، وكانت ذات يوم أكبر مدينة على وجه الأرض وكانت واحدة من أهم المواقع في العالم القديم. وتُعرف باسم «عروس البحر الأبيض المتوسط»، وقد جعل موقع المدينة على الساحل منها مركزًا مهمًا للتجارة والشحن يربط بين الشرق الأوسط وأوروبا.

تحذير الدراسة هو أن القرب من المياه التي جعلت المدينة مزدهرة ذات يوم يهدد الآن بتدميرها مع زحف البحر بسرعة، حيث مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب بسبب تراكم الغازات المسببة للانحباس الحراري في الغلاف الجوي، ترتفع درجة حرارة المحيط المتوسطة.

ومع ارتفاع درجة حرارة الماء، فإنه يتمدد أيضًا، جنبًا إلى جنب مع المياه العذبة المضافة من الصفائح الجليدية التي تذوب بسرعة، مما يدفع مستوى سطح البحر العالمي إلى الارتفاع.

ووفقًا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي في الولايات المتحدة «NOAA»، ارتفعت مستويات سطح البحر العالمية بين 20 و23 سنتيمترًا منذ عام 1880، مع 10 سم من هذا الارتفاع منذ عام 1993 وحده.