لا يمكن تفسير فشل العرب في مواجهة إسرائيل فقط من خلال التحليلات التقليدية مثل الانقسام أو الضعف العام أو عدم إعطاء الأولوية لفلسطين، لأن هذا الطرح يبسط القضية بشكل مفرط. الفكرة القائلة بأن إسرائيل تمارس وحشيتها على الفلسطينيين بسبب ضعف العرب تعني ضمنيًا أن الدول العربية يمكنها، نظريًا، التوحد ضد الاحتلال، لكن الواقع أكثر تعقيدًا.

لطالما دعا مؤيدو فلسطين العربَ إلى اتخاذ مواقف أكثر حسمًا، مثل الضغط على واشنطن أو السعي إلى رفع الحصار عن غزة. لكن هذه الدعوات تتجاهل حقيقة أن معظم الأنظمة العربية تفضل الحفاظ على الوضع القائم، حيث تبقى قضية فلسطين ثانوية.

منذ بداية الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة في 7 أكتوبر 2023، كان الموقف العربي ضعيفًا في أحسن الأحوال، وخائنًا في أسوأها. حتى إن بعض الدول العربية أدانت المقاومة الفلسطينية في الأمم المتحدة، بينما حاولت دول مثل الصين وروسيا تقديم سياق أوسع للأحداث، على عكس دول مثل البحرين التي ألقت اللوم بالكامل على الفلسطينيين.

استغرقت الحكومات العربية أسابيع، بل أشهرًا، لتقديم موقف أقوى ضد الهجوم الإسرائيلي، لكن هذا لم يترافق مع أي إجراءات عملية. وبينما حاولت قوى غير حكومية مثل الحوثيين فرض بعض الضغط على إسرائيل من خلال حصار بحري، سعت بعض الأنظمة العربية لضمان قدرة إسرائيل على تجاوز هذه التحديات.

يكشف كتاب War للصحفي بوب وودوارد أن بعض الحكومات العربية أبلغت وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، أنتوني بلينكن، بأنها لا تعارض سحق المقاومة الفلسطينية، لكنها كانت قلقة من تأثير صور الضحايا الفلسطينيين على شعوبها. ومع مرور الوقت، أصبح القتل والتجويع في غزة مجرد "حدث إقليمي مأساوي آخر"، كما حصل في السودان وسوريا.

لمدة 15 شهرًا من الإبادة الجماعية، التي أودت بحياة أكثر من 162 ألف فلسطيني في غزة، ظلّ الدور السياسي الرسمي للعرب شبه معدوم. استغلت إدارة بايدن هذا الصمت العربي لتعزيز التطبيع مع إسرائيل، رغم مقتل أكثر من 15 ألف طفل فلسطيني بطرق وحشية.

ورغم انتقادات العالم الغربي لجرائم إسرائيل، غالبًا ما يُتجاهل دور الحكومات العربية في تمكينها. فقد تبين أن بعض الدول العربية ضغطت في واشنطن لدعم إسرائيل ضد خطة مصرية لإعادة إعمار غزة دون تغيير ديموجرافي. هذه الخطة، التي تبنتها الجامعة العربية في قمتها بتاريخ 4 مارس، كانت الموقف العربي الأكثر وحدة خلال الحرب، لكنها قوبلت برفض إسرائيل وأمريكا.

لم يكن الاعتراض العربي على خطة مصر بسبب الخوف من إسرائيل، بل لأن بعض الحكومات العربية ترى في القضية الفلسطينية تهديدًا لنفوذها. وهذا ينطبق أيضًا على السلطة الفلسطينية في رام الله، التي تواصل التعاون مع إسرائيل لقمع المقاومة في الضفة الغربية، حيث أولويتها هي الحفاظ على حكمها وليس إنهاء الإبادة في غزة.

الاعتقاد بأن "وحدة العرب" قد تحلّ القضية الفلسطينية يفترض خطأً أن الأنظمة العربية تعارض الاحتلال الإسرائيلي بطبيعتها. لكن الحقيقة أن بعضها يرى في بقاء إسرائيل قوية مصلحة مباشرة، سواء بسبب العداء لإيران أو الخوف من تصاعد دور الحركات غير الحكومية.

في ظل تنامي الدعم العالمي لفلسطين، يبقى الحكام العرب عاجزين عن التأثير، خشية أن تؤدي التغيرات السياسية الكبرى في المنطقة إلى تهديد عروشهم. لكن ما لا يدركونه هو أن صمتهم أو دعمهم لإسرائيل قد يكون سببًا في سقوطهم في النهاية.

https://www.middleeastmonitor.com/20250324-the-hidden-hand-arab-governments-and-the-perpetuation-of-israeli-brutality/