يبدو أن زيارة قائد الانقلاب السيسي لدولة قطر لم تكن من أجل الحصول على استثمارات قطرية مباشرة بقيمة 7.5 مليار دولار داخل مصر فقط، ولكنها جاءت كخطوة مشابهة لصفقة بيع "رأس الحكمة" للإمارات، إلا أن ملامحها النهائية لم يُكشف عنها بعد، ويبدو أن السيسي كان يضع اللمسات الأخيرة على صفقة البيع الثانية من أرض مصر.

وقال نائب في البرلمان إن القاهرة والدوحة بصدد توقيع صفقة استثمارية عقارية كبرى، مشابهة لاتفاق "رأس الحكمة" الذي أُبرم مع دولة الإمارات العربية المتحدة.

وأوضح وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب ورئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية، طارق شكري، أن المعلومات المتوافرة حاليًا تشير إلى وجود صفقتين محتملتين مع قطر، إحداهما في منطقة الساحل الشمالي وتُشبه مشروع "رأس الحكمة" لكنها أصغر حجمًا، فيما يُرجّح أن تكون الصفقة الثانية في العاصمة الإدارية الجديدة أو على ساحل البحر الأحمر.

وأكد شكري أن صفقة رأس الحكمة كانت نموذجًا ناجحًا في التعاون الاقتصادي، مشيرًا إلى أن مصر استفادت منها اقتصاديًا إلى جانب الإمارات، خاصة في دعم قطاع العقارات الذي لعب دورًا محوريًا في الإسهام بحل أزمة الدولار في البلاد.

وكانت مصر وقطر قد أعلنتا، قبل أيام، عن توافق قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، على إطلاق حزمة من الاستثمارات القطرية المباشرة بقيمة 7.5 مليار دولار، على أن يتم تنفيذها خلال المرحلة المقبلة، وفق بيان مشترك صدر خلال زيارة السيسي إلى الدوحة.

ويأتي هذا التطور وسط توقعات بصفقة قطرية كبيرة، حيث صرّح رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، في نوفمبر الماضي، بأن من بين مجالات التعاون المرتقبة بين الجانبين "مشروع استثماري عقاري ضخم في منطقة الساحل الشمالي".

وأضاف مدبولي حينها، خلال زيارة نظيره القطري وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن إلى القاهرة، أن قطر أبدت اهتمامًا بالاستثمار في قطاعات السياحة والضيافة، ولا سيما في الساحل الشمالي، وأكد أن الحكومة المصرية ترحب بتلك الرغبة.

وأشار إلى أن الحكومة ستعرض على الجانب القطري قائمة بفرص استثمارية في قطاع السياحة، تشمل مشروعات في القاهرة الكبرى والعاصمة الإدارية الجديدة، مع إمكانية الدخول في شراكات مع القطاع الخاص المصري أو الاستحواذ الكامل.

وفي هذا السياق، صرّح المتحدث باسم حكومة السيسي، محمد الحمصاني، بأن "هناك توقعات بضخ استثمارات قطرية ضخمة بعد الإعلان عن صفقة كبيرة مرتقبة بين الجانبين".

تجدر الإشارة إلى أن مصر وقعت مع الإمارات في فبراير 2024 صفقة تطوير مشروع "رأس الحكمة"، والتي تضمنت استثمارات إماراتية تُقدّر بـ150 مليار دولار على مدار سنوات التنفيذ.

ويقع المشروع على مساحة تُقدّر بـ40.600 فدان (نحو 170 مليون متر مربع)، ويهدف إلى إنشاء مدينة متكاملة تضم أحياء سكنية بمختلف المستويات، ومنتجعات وفنادق فاخرة، ومرافق خدمية وتعليمية وصحية، إلى جانب منطقة مالية وتجارية حرة تضم صناعات خفيفة وتكنولوجية، بالإضافة إلى مرافئ دولية لليخوت والسفن السياحية.

وكان رئيس وزراء السيسي قد كشف، في سبتمبر الماضي، عن تلقّي الحكومة عروضًا لتطوير خمس مناطق على ساحل البحر الأحمر، على غرار مشروع رأس الحكمة، إلا أنه شدد على أن الحكومة لا تعلن عن أي مشروع قبل اكتمال المفاوضات وتوقيع الاتفاقات النهائية.