بدأت تتكشف ملامح المقترح الذي يحمله المبعوث ويتكوف، والذي يبدو أنه يمثل محاولة جادة لسد الفجوات بين مواقف الطرفين.
وفقاً لتقارير صحفية يتضمن المقترح الأمريكي وقفاً لإطلاق النار يستمر لمدة 60 يوماً، خلال هذه الفترة، تلتزم حركة حماس بإطلاق سراح 10 من أسرى الاحتلال الذين لا يزالون على قيد الحياة، بالإضافة إلى تسليم جثامين 18 أسيراً آخرين.
ومن المقرر أن يتم تنفيذ نصف هذه العملية (إطلاق 5 أحياء وتسليم 9 جثامين) في اليوم الأول من بدء سريان الاتفاق، والنصف الآخر في اليوم السابع.
في المقابل، ينص المقترح على قيام الاحتلال الصهيوني بإطلاق سراح 125 أسيراً فلسطينياً من أصحاب الأحكام العالية (المحكوم عليهم بالمؤبد).
بالإضافة إلى ذلك، وبحسب ما أوضحته حركة «حماس» تعليقاً على المقترح، سيتم إطلاق سراح 1111 أسيراً فلسطينياً آخرين تم اعتقالهم من قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر، وتسليم 180 جثماناً فلسطينياً كانت تعتقلهم قوات الاحتلال الصهيوني.
تفاؤل حذر وضمانات أمريكية
ويبدي البيت الأبيض، بحسب ما نقلته مصادر أمريكية لموقع “أكسيوس” الإخباري، تفاؤلاً حذراً بأن هذا المقترح الجديد قد ينجح فعلاً في تقريب وجهات النظر وتمهيد الطريق نحو اتفاق قد يتم التوصل إليه “خلال أيام” قليلة، شريطة أن يبدي الطرفان مرونة كافية ويقدما التنازلات اللازمة.
هذا التفاؤل يستند إلى قناعة بأن الاتفاق، حتى لو بدأ كوقف مؤقت لإطلاق النار، يمكن أن يتطور ليصبح أساساً لإنهاء دائم للحرب التي دخلت شهرها التاسع عشر.
حركة حماس، من جانبها، أعلنت عن موافقتها المبدئية على الإطار العام للمقترح، مؤكدة على أهمية الضمانات الأمريكية لاستمرارية المفاوضات نحو وقف دائم للنار وانسحاب كامل لقوات الاحتلال الصهيوني.
أما على الجانب الإسرائيلي، فالأنظار تتجه إلى رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي أفادت مصادر بأنه سيعقد اجتماعاً وزارياً مصغراً يضم وزراء الخارجية والمالية والأمن القومي لمناقشة المقترح الأمريكي وتحديد موقف الاحتلال الرسمي منه.
على المسار السياسي والدبلوماسي، دو أن هناك تحركات مكثفة قد تفضي إلى انفراجة قريبة. تصريحات متفائلة صدرت عن الإدارة الأمريكية، حيث أشار الرئيس دونالد ترمب، خلال مؤتمر صحفي، إلى أن “الأمور تسير بشكل جيد للغاية”، مؤكداً في الوقت ذاته على جهود إدارته لتسريع وتيرة إيصال المساعدات الغذائية الحيوية إلى الفلسطينيين في غزة.
هذا التفاؤل عززه المبعوث الأمريكي الخاص للمنطقة، ستيف ويتكوف، الذي انخرط بشكل مباشر في المفاوضات الجارية.
ويتكوف، الذي يتمتع بخبرة واسعة في تعقيدات المنطقة، أعرب عن “انطباعات جيدة جداً” بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الاحتلال الصهيوني وحركة حماس، متوقعاً أن يتم طرح اقتراح جديد ومفصل على الطاولة قريباً جداً.
"ويتكوف" يريد أسرى وحسب
ويرى المحلل السياس ياسر الزعاترة أنه هو ليس أول صهيوني (أصلي) في الإدارات الأمريكية، فقد سبقه عدد لا يُحصى، لكنه يبدو متميّزا بعاطفة جيّاشة، هو القادم إلى سلك السياسة من عالم المال، وغالبا لأجل "كيانه"، وليس لأجل شيء آخر.
"حماس" تدرك ذلك، لكن موقف الوسيطيْن مهمٌ أيضا، إذ لا قيمة لأي ضمانات يمنحها "ويتكوف" لهم.
في غزة عنوان الصراع الأكبر مع جنون نتنياهو وفريقه حيال القضية الفلسطينية، بل حيال المنطقة برمّتها، وعدم إدراك ذلك قد يفضي إلى مصائب، مع إيماننا بأن مفاوضي "حماس" يدركونه جيدا، ويتصرّفون على أساسه.
تبقى الأيام القليلة القادمة حاسمة لمعرفة ما إذا كانت هذه الجهود الدبلوماسية المكثفة ستنجح أخيراً في إسكات صوت المدافع وفتح صفحة جديدة في غزة، أم أن شبح الحرب سيستمر في خيمته على القطاع المنكوب.