انضمت سلعة البيض التي طالما كانت ملاذًا غذائيًا للفقراء ومحدودي الدخل، إلى قائمة المنتجات التي بات اقتناؤها رفاهية لا يقدر عليها الكثيرون، بعد أن سجلت أسعارها اليوم السبت، 31 مايو 2025، ارتفاعًا جديدًا.

وبحسب بيانات بوابة الأسعار المحلية والعالمية التابعة لمركز معلومات مجلس الوزراء، بلغ متوسط سعر كرتونة البيض بجميع أنواعه 140.71 جنيهًا، بزيادة قدرها 3.1 جنيه عن أسعار أمس، وجاءت كرتونة البيض البلدي في مقدمة الارتفاعات، لتسجل 150 جنيهًا، بزيادة ملحوظة بلغت 9.39 جنيه دفعة واحدة.

ورغم أن هذه الأرقام تمثل "المتوسط الرسمي" المعلن من الحكومة، فإن الأسعار في بعض الأسواق الشعبية والمناطق البعيدة تسجل معدلات أعلى، وسط غياب واضح لآليات الرقابة الفعالة على الأسواق، وترك المواطن فريسة لتقلبات الأسعار والمضاربات التجارية.

البيض، الذي كان يُعد غذاءً أساسيًا في موائد المصريين من مختلف الطبقات، لم يسلم من موجة الغلاء التي طالت كل شيء، من اللحوم والخضروات إلى الحبوب والزيوت. وفي وقت سابق، كان يُنظر إلى البيض باعتباره بديلًا بروتينيًا زهيد التكلفة مقارنة باللحوم والدواجن، لكنّ الارتفاعات المتتالية في أسعاره تقوض هذه الصورة تدريجيًا.

"بقينا نحسب البيضة بكام قبل ما نفطر"، هكذا عبرت سيدة أربعينية في سوق إمبابة عن معاناتها، مضيفة: "زمان كنت بشتري كرتونة بيض بـ30 جنيه، دلوقتي بـ150! يعني البيضة وصلت لـ5 جنيه، وده عبء كبير على أسرة فيها أطفال".

أسباب متعددة.. والحكومة تكتفي بالرصد
يرجع تجار ومربو دواجن الزيادة الأخيرة إلى عدة عوامل، منها ارتفاع أسعار الأعلاف، ومستلزمات الإنتاج المستوردة، وتكاليف النقل والكهرباء، كما أن تقلبات سعر صرف الجنيه أمام الدولار تزيد من حدة الأزمة، باعتبار أن مصر تعتمد بنسبة كبيرة على استيراد مدخلات إنتاج الأعلاف واللقاحات الحيوانية.

ورغم إعلان الحكومة عن خطط للتوسع في مشروعات الإنتاج الحيواني والداجني، وتوفير الأعلاف بأسعار مدعومة، فإن تأثير هذه المبادرات لم ينعكس بعد على الأسعار في السوق، ما يعمق فجوة الثقة بين المواطن والجهات الرسمية.

لا يُعد ارتفاع أسعار البيض مجرد أزمة قطاعية، بل يعكس – وفق محللين اقتصاديين – اختلالًا هيكليًا في السوق المحلية، وعجزًا حكوميًا عن كبح جماح التضخم الغذائي، الذي يقوض الأمن الغذائي للملايين.

وفي ظل غياب أي زيادات حقيقية في الأجور، وارتفاع معدلات الفقر، أصبح من الصعب على شريحة واسعة من المصريين تلبية احتياجاتها اليومية، ما يهدد – بحسب خبراء – بتوسيع رقعة التوترات الاجتماعية، خاصة في المناطق الأكثر هشاشة اقتصاديًا.