17 منظمة حقوقية تطالب بالتحقيق في مقتل "محمود ميكا" تحت التعذيب بمحبسه
الأحد 1 يونيو 2025 05:30 م
طالبت 17 منظمة حقوقية محلية ودولية، بفتح تحقيق فوري ومستقل في مقتل الشاب محمود محمد أسعد، المعروف بـ"محمود ميكا"، بعد وفاته داخل قسم شرطة الخليفة بالقاهرة، في ظروف تشير بوضوح إلى تعرّضه لتعذيب وحشي أفضى إلى موته، وسط ما وصفته المنظمات بـ"منظومة الإفلات التام من العقاب" داخل السجون وأقسام الشرطة.
جثة مشوهة وآثار تعذيب واضحة
وقعت الحادثة في 10 أبريل 2025، عندما أعلنت منظمات حقوقية وفاة محمود ميكا أثناء احتجازه داخل القسم، لتبدأ تتكشف لاحقًا معالم ما وصفته العائلة بـ"جريمة مكتملة الأركان". ووفقًا لإفادات موثقة من ذويه أثناء تغسيل الجثمان، كان جسده يحمل آثارًا دامغة للتعذيب، أبرزها جروح غائرة، وكدمات متفرقة، وضرب مبرح يشبه الجلد بخراطيم مطاطية، بالإضافة إلى آثار قيود خانقة حول العنق والمعصمين والكاحلين.
ورغم خطورة هذه القرائن، لم تتسلّم الأسرة حتى اللحظة نسخة من تقرير الطب الشرعي، ما عزز الشكوك بشأن وجود تواطؤ لطمس الأدلة، وتضليل العدالة، بحسب بيان مشترك للمنظمات الـ17.
اعتقال بتهمة مفبركة وضرب مفضي إلى الموت
بحسب رواية العائلة وشهادات محتجزين، اعتُقل محمود فجر 6 مارس أثناء خروجه مع والدته لشراء مستلزمات السحور، ووجِّهت له تهمة "حيازة مخدرات"، رغم عدم تمكين محاميته من الاطلاع على أيٍّ من الأدلة أو المضبوطات.
المثير للريبة، أن الاعتقال تم على يد نفس الضابط وأمين الشرطة اللذَين كانا قد احتكّا بميكا في واقعة سابقة تعود لديسمبر 2024، ما يطرح تساؤلات حول وجود نية انتقامية وراء ما جرى له داخل الحجز، بعد شهادات متواترة من محتجزين تفيد بتعرضه لضرب مبرح داخل الزنزانة عقب مشادة مع أحد الضباط، قبل أن يُنقل إلى زنزانة انفرادية – في ما بدا محاولة لإخفاء الجريمة.
شهادات الشهود وتهديدهم.. وبيان وزارة الداخلية المتناقض
شهادات الشهود الذين عاينوا لحظات ما قبل وفاة ميكا – كما نقلتها منظمات حقوقية – تشير إلى اعتداء مروع أدى إلى مفارقته الحياة أمام أعينهم، وسط صراخ واستغاثات. وقد تعرض الشهود وذووهم لاحقًا إلى تهديدات مباشرة لإجبارهم على التراجع عن أقوالهم أمام النيابة.
وفي المقابل، أصدرت وزارة الداخلية بيانًا مقتضبًا ينفي وقوع أي تعذيب، زاعمة أن الوفاة كانت نتيجة "مشاجرة مع محتجز آخر"، وهي رواية وصفتها المنظمات بـ"المفبركة والمتهافتة"، وتتناقض تمامًا مع الشهادات المدعمة بالأدلة والمعلومات.
نمط ممنهج.. وسجل أسود لقسم الخليفة
وأكدت المنظمات في بيانها أن هذه الواقعة "ليست فردية"، بل تأتي في سياق "نمط ممنهج من التعذيب وإساءة المعاملة"، مشيرة إلى توثيق انتهاكات مماثلة في قسم الخليفة نفسه، في أعوام 2009، و2014، و2024، دون أن تُتخذ إجراءات رادعة تذكر.
واعتبرت أن غياب الشفافية، وتهديد الشهود، وحجب تقارير الطب الشرعي، كلها مؤشرات على "ترسيخ سياسة الإفلات من العقاب"، وهو ما يعصف بمصداقية مؤسسات العدالة في البلاد.
دعوات دولية ومحلية للتحقيق والرقابة
وأوصت المنظمات، "المفوضية المصرية للحقوق والحريات، ومركز النديم، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، والمنبر المصري لحقوق الإنسان، ومؤسسة دعم القانون والديمقراطية، ومنصة اللاجئين في مصر، ولجنة العدالة، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، وإيجيبت وايد لحقوق الإنسان، ومؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، والشبكة المصرية لحقوق الإنسان، وهيومن رايتس مونيتور، ومركز الشهاب لحقوق الإنسان – لندن، وهيومينا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية، وريدوورد لحقوق الإنسان وحرية التعبير"، بخلاف الموقعين من الأفراد"، بأن توجه الحكومة دعوة رسمية للمقرّر الأممي الخاص المعني بالتعذيب لزيارة البلاد، والاطلاع على أوضاع المحتجزين، كمقدمة لفتح تحقيق دولي مستقل.
كما شددت على ضرورة تسليم تقرير الطب الشرعي الكامل إلى أسرة الضحية ومحاميه، وضمان حماية الشهود، ومحاسبة جميع المتورطين، سواء من مرتكبي الانتهاك المباشر أو من تستروا عليهم، أو قصّروا في اتخاذ إجراءات التحقيق والمحاسبة.
قانون غائب ورقابة مغيبة
وأكدت المنظمات ضرورة الإسراع بإصدار قانون شامل لمناهضة التعذيب، يتماشى مع اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، والتي وقّعت عليها مصر، مع تجريم التعذيب كجريمة لا تسقط بالتقادم. كما طالبت بفتح أبواب السجون أمام لجان مستقلة، بما في ذلك لجنة الصليب الأحمر، والسماح بزيارات دورية مفاجئة من منظمات المجتمع المدني، ونشر نتائج تقارير الرقابة على الملأ.