أنهى أكثر من 2000 عامل في شركة سيراميكا إينوفا (الفراعنة سابقًا) بمنطقة كوم أوشيم الصناعية بمحافظة الفيوم، إضرابهم عن العمل الذي استمر نحو عشرة أيام، بعد تلقيهم دفعتين من الثلث المتبقي من راتب شهر أبريل الماضي، وسط وعود بصرف راتب مايو يوم الأحد المقبل، رغم أن غالبية مطالبهم ما زالت معلّقة.
العمال، الذين دخلوا في إضراب شامل منذ العاشر من يونيو الجاري، اضطروا إلى إنهائه تحت ضغط الحاجة، حسبما أفاد اثنان منهم، وأكدا أن قرار العودة للعمل لا يعكس قبولهم بعرض إدارة الشركة، بل استسلامًا مؤقتًا للظروف المعيشية القاسية بعد قرابة شهرين من عدم تقاضي أي راتب.
شروط مذلّة
بحسب عضو بلجنة التفاوض العمالية، فإن صاحب الشركة، رجل الأعمال محمد فوزي، كان يشترط في البداية إنهاء الإضراب قبل صرف أي مستحقات، وهو ما رفضه العمال.
وبعد مفاوضات، تم تحويل الشريحة الأخيرة من راتب أبريل إلى حساباتهم البنكية قبل العودة للعمل، وهو ما اعتبره العمال انتصارًا جزئيًا.
لكن هذه "الاستجابة" لم تُنهِ الشكوك، إذ أوضح أحد العمال أن الأموال المحولة يُفترض أنها تمثل مساهمة صندوق إعانات الطوارئ التابع لوزارة العمل، والتي تصرف عادة من خلال مكاتب البريد، لا عبر الشركة.
وأشار إلى أن هناك مخاوف من أن إدارة الشركة تلاعبت بمخصصات الصندوق لاستخدامها في معالجة إضرابات أخرى داخل المجموعة، كما حدث مع مصنع الملكة التابع لإينوفا.
"فلوس الصندوق تحت إيده؟"
ويقول العامل متسائلًا: "إزاي صاحب الشركة يقدر ياخد فلوس الصندوق ويتصرف فيها؟ المفروض إنها بتتبعت لنا من غير تدخل من الشركة"، مشككًا في أن ما صُرف للعمال جاء فعلًا من خزائن إينوفا، مستدلًا بعدم صرف بدل المواصلات والوجبات المتأخر منذ عام، رغم ضآلته مقارنة بالرواتب.
وتتكفّل الدولة، عبر صندوق إعانات الطوارئ، منذ بداية العام الجاري، بسداد ثلث أجور العاملين في إينوفا، بنحو 4 ملايين جنيه شهريًا، بعد طلب مباشر من محمد فوزي خلال اجتماع مع محافظ الفيوم، شكا فيه من تعثر الشركة وعجزه عن الوفاء بالأجور التي تصل إلى 12 مليون جنيه شهريًا.
سياسة "التقطيع"
منذ بداية الأزمة المالية، دأبت الشركة على صرف الرواتب مجزأة، كل شريحة من العمال على دفعة، تمتد لأيام، ما خلق تمييزًا بين العاملين بحسب دخلهم.
في الوقت ذاته، شرعت الإدارة في سلسلة من الإجراءات العقابية، أبرزها إجازات إجبارية، تهديدات بالفصل، وتخفيض الخدمات.
في مايو الماضي، وجهت الشركة إنذارات بالفصل لنحو 45 عاملًا، منحتهم إجازة دون إرادتهم، مقابل تقاضي الراتب الأساسي فقط.
واتهمت الإدارة العمال بعدم الاستجابة لاستدعاء العمل، بينما أكد عدد منهم أنهم لم يتلقوا أي بلاغ رسمي للعودة.
وفي مارس قررت الشركة منح 350 عاملًا، بينهم 130 من ذوي الإعاقة، إجازة لمدة ستة أشهر بالراتب الأساسي فقط.
كما أجبرت في يناير الماضي جميع العاملات (57 سيدة) على المغادرة في إجازات إجبارية، مع قائمة لاحقة شملت 300 عامل آخرين تمهيدًا لتسريحهم.
سجل طويل من الاحتجاجات
لعمال إينوفا سجل طويل من الإضرابات والاحتجاجات الممتدة منذ عام 2009، تفجرت بشكل أكبر بعد ثورة 25 يناير.
وكان أبرزها إضراب يناير 2025، الذي استمر أسبوعًا للمطالبة بتطبيق الحد الأدنى للأجور القديم (6 آلاف جنيه)، بدلًا من الرواتب الحالية التي لا تتجاوز 4 آلاف جنيه في المتوسط، مع المطالبة بعودة سيارات نقل العمال التي تم إيقاف 75% منها، ما اضطر العمال لتحمل كلفة انتقالهم.
ومع بداية صرف راتب ديسمبر المجزأ، أنهى العمال الإضراب في 29 يناير، لكنهم فوجئوا في اليوم التالي بإجبار جميع العاملات على الإجازة القسرية.
تاريخ الشركة
تأسست مجموعة الفراعنة في نهاية الثمانينيات لإنتاج السيراميك والبورسلين والأدوات الصحية، وبدأت بمشاركة شركاء أجانب قبل أن يستحوذ محمد فوزي على ملكيتها الكاملة.
وعرفت الشركة سابقًا بفروعها في الفيوم وتوسعها في التصدير، لكنها شهدت تراجعًا حادًا خلال الأعوام الأخيرة بسبب الأزمات المالية وتخفيض الطلب المحلي.