أثارت حادثة استشهاد النجم الفلسطيني سليمان العبيد موجة من الحزن والغضب على المستويين الإنساني والسياسي، ليس فقط في الأراضي الفلسطينية، بل على الصعيد الدولي أيضًا.
في هذا السياق، عبّر النجم المصري الكبير محمد صلاح، لاعب نادي ليفربول والوجه الرياضي الأبرز في العالم العربي، عن حزنه الشديد لهذه الفاجعة، كما وجه انتقادًا لاذعًا لبيان الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الذي اعتبره ضعيفًا ومخيبًا للآمال.
جاء تعليق صلاح في وقت يعاني فيه الفلسطينيون من تصاعد العنف والاعتداءات التي تستهدف المدنيين والرياضيين على حد سواء، مما يطرح تساؤلات حول دور المنظمات الرياضية العالمية في قضايا حقوق الإنسان والعدالة.
استشهاد سليمان العبيد.. فاجعة كروية وإنسانية
سليمان العبيد، لاعب كرة القدم الشاب والموهوب من قطاع غزة، أصبح رمزًا للمأساة التي يعيشها الفلسطينيون جراء الصراعات المتكررة في المنطقة.
فقد فقد حياته في أحد الاعتداءات العسكرية التي طالت المدنيين، ليغيب بذلك لاعب واعد كان حلمه أن يمثل بلده في المحافل الرياضية الدولية.
استشهاده لم يكن مجرد خبر عابر في عالم الرياضة، بل تحول إلى قضية إنسانية تجسد حجم المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون يوميًا.
يعتبر استشهاد العبيد ضربة موجعة للرياضة الفلسطينية، حيث كان يُنظر إليه كواحد من أبرز المواهب التي قد تساهم في رفع اسم فلسطين على الخارطة الرياضية.
وبحسب مصادر محلية، كان سليمان مثالاً للشباب الفلسطيني الطامح الذي يرى في كرة القدم وسيلة للتعبير عن الهوية والحق في الحياة بكرامة وسلام.
تعليق محمد صلاح: من الرياضة إلى السياسة
لم يمر خبر استشهاد العبيد دون أن يعلق محمد صلاح، الذي يُعتبر من أكثر الرياضيين العرب تأثيرًا وانتشارًا عالميًا.
في رسالة مؤثرة عبر حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي، أعرب صلاح عن حزنه العميق لفقدان شاب كان بمثابة رمز للأمل والطموح الفلسطيني، مؤكداً على أن الرياضة يجب أن تكون جسرًا للسلام وليس أداة لتغاضي المجتمع الدولي عن معاناة الشعوب.
لكن اللافت في تعليق صلاح كان نقده اللاذع لبيان الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (UEFA)، الذي وصفه بأنه "ضعيف ومهزوز"، حيث لم يتضمن سوى تعبيرات عامة عن الأسى دون تحميل المسؤولية أو الدعوة لإجراءات حقيقية تحمي الرياضيين والمدنيين في مناطق النزاع.
أشار صلاح إلى أن هذه البيانات تفتقر إلى المصداقية والجرأة، ولا تعكس قيم العدالة التي يُفترض أن تمثلها الرياضة على المستوى الدولي.
https://x.com/MoSalah/status/1954215423861240020
بيان الاتحاد الأوروبي لكرة القدم: بين الضعف واللامبالاة
أصدر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بيانًا رسميًا عقب استشهاد سليمان العبيد، عبّر فيه عن "الحزن العميق" تجاه هذه الحادثة، داعيًا إلى "ضبط النفس واحترام حقوق الإنسان في جميع الأوقات".
إلا أن البيان لم يذكر بشكل مباشر أي جهة مسؤولة أو يدعو إلى اتخاذ إجراءات واضحة لحماية الرياضيين في مناطق النزاع، ما أثار انتقادات واسعة من نشطاء حقوق الإنسان والرياضة على حد سواء.
https://x.com/MoSalah/status/1954215423861240020?utm_source=chatgpt.com
تُتهم المنظمات الرياضية العالمية بتبني مواقف دبلوماسية مترددة في مثل هذه القضايا، خوفًا من التورط السياسي أو فقدان علاقاتها مع الدول المعنية.
الأمر الذي يجعل من الرياضة مجرد ملعب تتكرر فيه معاناة الشعوب دون تحقيق أي تغيير حقيقي.
ويُعتبر موقف الاتحاد الأوروبي نموذجًا واضحًا على هذه الترددات التي تخلّ بتطلعات اللاعبين والمشجعين الذين يرون في الرياضة أداة للتضامن والسلام.
75 مليون مشاهدة
تصدرت تغريدة النجم المصري محمد صلاح لاعب ليفربول الإنجليزي، بشأن وفاة اللاعب الفلسطيني السابق سليمان العبيد، حديث الصحافة العالمية خلال الساعات القليلة الماضية.
ورصدت تغريدة صلاح رقمًا خياليًا من التفاعل، حيث وصل عدد المشاهدات إلى 75 مليون مشاهدة، وقام أكثر من مليون شخص بالإعجاب بالتغريدة، وقام أكثر من 312 ألف شخص إعادة نشر التغريدة، كما قام 23 ألف شخص بالتعليق على التغريدة.
تفاعل الصحف العالمية على تغريدة صلاح
صحيفة "ميرور" البريطانية، قالت إن محمد صلاح وجه سؤالا مباشرا للاتحاد الأوروبي لكرة القدم بعد مقتل "بيليه الفلسطيني" على يد قوات الاحتلال الصهيوني في غزة.
أما شبكة "سكاي سبورتس" العالمية قالت: محمد صلاح ينتقد تكريم الاتحاد الأوروبي لكرة القدم لـ"بيليه الفلسطيني" ويسأل: "هل يمكنك أن تخبرنا كيف مات؟".
وقالت شبكة "بي بي سي" العالمية، إن صلاح انتقد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بسبب صياغة تكريم "بيليه الفلسطيني".
وعنونت صحيفة "موندو ديبورتيفو": صلاح يهاجم الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بسبب تكريمه لـ"بيليه الفلسطيني": "هل تستطيعون أن تقولوا كيف مات؟".
أما صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، قالت إن محمد صلاح كتب عبر حسابه الذي يتابعه أكثر من 19 مليون شخص، انتقد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بسبب بيانه الذي أشاد بـ "بيليه الفلسطيني" الذي "قُتل في هجوم الكيان الصهيوني".
وسلطت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية الضوء على تغريدة صلاح بعنوان: "هل يمكنك أن تخبرنا كيف مات؟.. محمد صلاح ينتقد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بسبب تكريمه لبيليه الفلسطيني"
الرياضة وحقوق الإنسان: مسؤولية مضاعفة
تعكس حادثة استشهاد سليمان العبيد الجدل المستمر حول العلاقة بين الرياضة وحقوق الإنسان.
ففي الوقت الذي يتم فيه تنظيم بطولات كبرى تحت شعارات السلام والوحدة، تستمر انتهاكات حقوق الرياضيين والمدنيين في مناطق النزاع.
لذلك، هناك دعوات متزايدة لوضع أطر وقوانين صارمة تحمي الرياضيين وتضمن عدم استغلالهم كأدوات سياسية أو ضحايا للنزاعات.
من هذا المنطلق، يتحمل اللاعبون والهيئات الرياضية مسؤولية أخلاقية تجاه القضايا الإنسانية، إذ أن صوتهم وتأثيرهم يمكن أن يكونا قوة دافعة لتغيير السياسات وتحقيق العدالة.
وهو ما يبرر تدخل محمد صلاح ورفضه للبيانات التي لا تتعدى حدود التعاطف الظاهري، مطالبًا بمواقف أكثر جرأة ومسؤولية.
ردود الأفعال: دعم واسع لمحمد صلاح
تلقى تعليق محمد صلاح دعمًا واسعًا من جماهيره وزملائه في الأوساط الرياضية والإعلامية، الذين اعتبروا موقفه شجاعًا يعكس صوت الضمير الرياضي والإنساني.
حيث عبّر عدد من اللاعبين العرب والدوليين عن تضامنهم مع القضية الفلسطينية، مؤكدين على ضرورة حماية الرياضيين والاعتراف بمعاناة الشعوب في ظل النزاعات المسلحة.
كما ساهمت هذه الردود في إعادة فتح النقاش حول دور الرياضة في السياسة والإنسانية، خاصة فيما يتعلق بكيفية استخدام المنصات الرياضية للتأثير على الرأي العام الدولي والدعوة للعدالة.
وفي الختام فإن حادثة استشهاد سليمان العبيد تمثل جرحًا عميقًا في التاريخ الرياضي والإنساني الفلسطيني، وكشفت عن التحديات الكبيرة التي تواجه الرياضيين في مناطق النزاع.
تعليق محمد صلاح لم يكن مجرد تعبير عن الحزن، بل كان دعوة قوية للمنظمات الرياضية الدولية لتحمل مسؤولياتها بوضوح وجرأة، والابتعاد عن البيانات الضعيفة التي لا تقدم حلولًا حقيقية.
الرياضة، التي يفترض أن تكون جسرًا للتقارب والسلام، تحتاج إلى مواقف أكثر حسمًا في دعم حقوق الإنسان والدفاع عن الرياضيين الذين يعانون في ظروف الحرب والنزاع.
ويظل صوت محمد صلاح نموذجًا يُحتذى به في رفع هذا الوعي والدعوة إلى العدالة، مشددًا على أن الكلمة الرياضية يمكن أن تكون أداة فعالة للتغيير الإيجابي.