تصاعدت حدة الخلاف بين النقابات المستقلة ووزارة العمل، بعد أن أبدت الأخيرة اعتراضها على بعض بنود القرار الوزاري رقم 133 لسنة 2025، الذي أصدره الوزير محمد جبران في يونيو الماضي، والمتعلق بتحديث بيانات المنظمات النقابية وإيداعها لدى الجهة الإدارية المختصة تمهيدًا للانتخابات النقابية لدورة 2026-2030.

النقابات المستقلة، وفي مقدمتها نقابة صيادي دمياط، ونقابة سائقي القليوبية، ونقابة العاملين بالمحليات في منوف، ونقابة الضرائب العقارية بالإسماعيلية، ونقابة العاملين بأندية قناة السويس، وجّهت مذكرة رسمية إلى وزير العمل، أعربت فيها عن رفضها لما وصفته بـ"التدخل غير المبرر" في شؤونها الداخلية، مطالبة بإلغاء شرط اعتماد كشوف أعضاء الجمعيات العمومية من جهة العمل أو من التأمينات الاجتماعية، والاكتفاء بتوقيع المفوض بالإيداع على إقرار بصحة البيانات.
 

أسباب الاعتراض
ترى النقابات أن اشتراط اعتماد الكشوف من صاحب العمل أو التأمينات يفتح الباب أمام تدخل أصحاب الأعمال في الحياة النقابية، ويجعلهم طرفًا مؤثرًا في تقرير مصير النقابات، بما يتعارض مع مبدأ الاستقلالية.
وأوضحت المذكرة أن هذا الشرط قد يتعذر تنفيذه في العديد من الحالات، بسبب امتناع بعض أصحاب العمل عن التعاون أو بسبب خلافات قائمة أو مشاكل إدارية، ما قد يؤدي إلى تعطيل عملية تحديث البيانات أو حتى حرمان النقابة من المشاركة في الانتخابات المقبلة.

كما شددت النقابات على أن القرار يحرم شريحة واسعة من العمال غير المؤمن عليهم – خصوصًا في القطاعات المهنية والعمالة غير المنتظمة – من حقهم في التمثيل النقابي، وهو ما وصفته دار الخدمات النقابية والعمالية بأنه "إقصاء مزدوج" يضيف الحرمان النقابي إلى غياب الحماية الاجتماعية.
 

انتقادات حادة من قيادات نقابية
رئيس نقابة العاملين بأندية قناة السويس، كرم عبد الحليم، وصف القرار بأنه "منافي للحريات النقابية" ومخالف للدستور وقانون الحريات النقابية، معتبرًا أنه يهدف إلى "السيطرة على النقابات ومنح الأفضلية لصاحب العمل على حساب التنظيم العمالي".

وقال عبد الحليم: "وزير العمل يعلن دائمًا أن الحريات النقابية مصانة، لكن قرارات وزارته، وآخرها القرار 133، تكشف عن رغبة في تأميم العمل النقابي والتخلص من النقابات المستقلة، وهو امتداد لتدخلات الوزارة المستمرة منذ 13 عامًا."
 

خلفية القرار
كان وزير العمل قد أصدر القرار رقم 133 لسنة 2025 في يونيو الماضي، ونص على بدء إجراءات تحديث بيانات المنظمات النقابية اعتبارًا من أول يوليو ولمدة ثلاثة أشهر، في إطار التحضير للانتخابات النقابية القادمة.
وقد شمل القرار عدة شروط تنظيمية، إلا أن بعضها – وفي مقدمتها شرط اعتماد كشوف العضوية – فجّر موجة اعتراض واسعة من النقابات المستقلة.
 

مخاوف من تضييق المجال النقابي
ترى النقابات المعترضة أن القرار قد يؤدي عمليًا إلى إضعاف دور النقابات المستقلة وتقليص قدرتها على المنافسة في الانتخابات، فضلًا عن تكريس تبعية العمل النقابي لإرادة أصحاب الأعمال أو للسلطات التنفيذية، وهو ما تعتبره مخالفًا للاتفاقيات الدولية التي وقّعت عليها مصر بشأن حرية التنظيم النقابي.