رغم مرور ما يزيد على 24 عامًا على صدور قرار مجلس الأمن رقم 1325 بشأن قضايا المرأة والسلم والأمن، ما تزال مصر بلا خطة وطنية لتطبيقه، في وقت سبقت فيه عدة دول عربية مثل العراق وتونس والأردن ولبنان والسودان إلى وضع خطط وطنية تعكس التزامها العملي بالأجندة الدولية.
الدكتورة أمل حمادة، أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، قالت إن غياب الخطة المصرية لا يعود إلى التعقيد الفني أو غموض الأهداف، وإنما سببه الرئيسي "غياب الإرادة السياسية ونقص التمويل"، مؤكدة أن الخطة ليست مجرد وثيقة مكتوبة، بل تمثل تحوّلًا مؤسسيًا وتشريعيًا يعزز مكانة المرأة في مواجهة تداعيات النزاعات.
معوقات سياسية وتشريعية
القرار الأممي، الذي صدر في أكتوبر 2000، يقوم على أربع ركائز رئيسية: الوقاية من النزاعات، مشاركة النساء في عمليات السلام، حماية النساء والفتيات أثناء النزاعات وما بعدها، وتلبية احتياجاتهن الخاصة في مراحل الإغاثة والإعاشة وإعادة التأهيل والإدماج.
ورغم إسناد إعداد الخطة الوطنية في مايو 2019 لجهات مصرية بارزة مثل المجلس القومي للمرأة ووزارة الخارجية ومركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات، وبالتعاون مع المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية الذي أنهى الدراسة التمهيدية عام 2021، لم يتم حتى اليوم الإعلان عن الخطة رسميًا.
ثلاث فئات معنية بالقرار
حمادة أوضحت أن القرار لا يقتصر على الدول التي تشهد حروبًا، بل يشمل ثلاث فئات:
- دول منخرطة في صراعات أو حروب.
- دول تحتاج إلى تعديلات تشريعية لإزالة القوانين التمييزية.
- دول تشارك في قوات حفظ السلام.
ومصر، بحسب حمادة، تقع في الفئتين الثانية والثالثة؛ فهي منذ 2014 تشرك النساء في قوات حفظ السلام، لكنها لا تزال بحاجة لإصلاحات تشريعية أوسع لضمان المساواة بين الجنسين، رغم تحقيق بعض التقدم في تغليظ عقوبات جرائم الختان والتحرش والعنف.
تداخل استراتيجيات وتأجيل غير مبرر
الباحثة ترى أن تأخر الخطة مرتبط أيضًا بشعور صانع القرار بعدم الحاجة لوثيقة جديدة، نظرًا لتداخل أهدافها مع استراتيجيات وطنية قائمة مثل استراتيجية تمكين المرأة 2017، والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان 2021، واستراتيجية مكافحة الإرهاب، وهو تصور تعتبره "غير صحيح"، مؤكدة ضرورة صياغة خطة وطنية متخصصة حتى لو تداخلت مع السياسات الأخرى.
فقدان الثقة في المؤسسات الأممية
حمادة كشفت عن سبب آخر يتمثل في ضعف الثقة بقدرة مجلس الأمن والأمم المتحدة على تنفيذ أجندة المرأة والسلم والأمن، قائلة: "كلنا شايفين العالم عامل إزاي. حرب الإبادة في غزة مستمرة منذ عامين، فأين قرار مجلس الأمن 1325 من حماية النساء هناك؟ هذه القرارات لم تحمِ أحدًا، لا نساء ولا رجال".
ورغم هذا التشكيك في فاعلية المؤسسات الدولية، تؤكد الباحثة أن إصدار خطة وطنية مصرية يظل خطوة مهمة وضرورية، حتى لو تأخر تبنيها رسميًا.
قرار أممي تاريخي
يُذكر أن القرار 1325 كان أول وثيقة رسمية يصدرها مجلس الأمن تعترف بالتأثيرات غير المتكافئة للنزاعات المسلحة على النساء والفتيات، وتؤكد على دورهن المركزي في منع النزاعات، وبناء السلام، والمشاركة في عمليات إعادة الإعمار.