كشف الموقع الرسمي لشركة "نيو ميد إنرجي" الإسرائيلية عن النص الكامل لاتفاقية تصدير الغاز إلى مصر، الموقّعة الأسبوع الماضي، والتي وصفتها تقارير اقتصادية وخبراء طاقة بأنها "اتفاقية بشروط مجحفة" تمثل عبئًا طويل الأمد على القاهرة.
الاتفاقية، التي تم إرسال نصها إلى بورصة تل أبيب التزامًا بمتطلبات الإفصاح، جاءت بعد سلسلة مفاوضات بين الشركاء في حقل ليفياثان الإسرائيلي من جهة، وشركة بلو أوشن إنرجي – المشتري المصري – من جهة أخرى، لتعديل عقد التصدير الموقع عام 2019.
بنود رئيسية تثير الجدل
تكشف الوثائق أن التعديل الجديد يتضمن زيادة ضخمة في كميات الغاز المصدّرة إلى مصر على مرحلتين، بإجمالي 130 مليار متر مكعب، مع رفع الإمدادات اليومية من 450 مليون قدم مكعبة قياسية إلى 650 مليون قدم مكعبة في المرحلة الأولى، ثم إلى 1.15–1.25 مليار قدم مكعبة في المرحلة الثانية، المتوقع تنفيذها بعد 2029.
لكن البند الأكثر إثارة للانتقاد هو إلغاء حق مصر في خفض الكميات المستوردة في حالة انخفاض سعر خام برنت إلى أقل من 50 دولارًا للبرميل، وهو الحق الذي كان مكفولًا في العقد السابق. وبهذا تصبح مصر ملزمة بالشراء في جميع الأحوال، وفق ما يعرف بسياسة "خذ أو ادفع" (TOP)، ما يعني تحمل أعباء مالية حتى في حالات تراجع الأسعار أو انخفاض الطلب المحلي.
التزامات ممتدة حتى نهاية العقدين المقبلين
ينص التعديل على تمديد فترة التوريد حتى 31 ديسمبر 2040، مع إمكانية التمديد سنتين إضافيتين في حال لم تُستهلك الكميات المتفق عليها بالكامل. وهذا يعني أن مصر قد تبقى مرتبطة بهذا العقد لما يقرب من عقدين قادمين، في ظل التزامات مالية صارمة.
أرباح ضخمة للشركات الإسرائيلية
تقدّر الشراكة الإسرائيلية أن الإيرادات الإجمالية المتوقعة من بيع الكميات الإضافية قد تصل إلى 35 مليار دولار، بافتراض استهلاك مصر لكامل الكميات، وبناءً على الأسعار المتوقعة للغاز والنفط. لكن الشركة نفسها أقرت بأن هذه التوقعات مرتبطة بعوامل خارجية وظروف سوقية غير مضمونة.
شروط مشروطة بمشاريع بنية تحتية
تنفيذ المرحلة الثانية من الزيادة مرهون بعدة شروط، أبرزها:
- القرار الاستثماري النهائي لتوسعة حقل ليفياثان.
- إنشاء خط أنابيب نيتسانا لنقل الغاز عبر الحدود.
- الحصول على جميع الموافقات التنظيمية وتصاريح التصدير.
وإذا لم تتحقق هذه الشروط بحلول سبتمبر 2025، يحق للطرفين إلغاء التعديل.
مخاوف محلية وانتقادات حقوقية
الاتفاقية تأتي في وقت تواجه فيه مصر أزمة اقتصادية حادة، مع ارتفاع الديون وتراجع العملة المحلية، ما يثير التساؤلات حول مدى جدوى التوسع في استيراد الغاز الإسرائيلي، خصوصًا أن القاهرة تسوّق نفسها كمركز إقليمي لتسييل وتصدير الغاز.
خبراء الطاقة يرون أن فقدان الحق في خفض الكميات أو إعادة التفاوض عند هبوط الأسعار يضع الاقتصاد المصري تحت ضغط مالي، ويقلص من قدرته على الاستفادة من تقلبات الأسواق العالمية.