في مساء الأربعاء، أعلن رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي عن تعديلات جديدة على قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، في بيان رسمي اتسم بالهدوء، لكنه فجّر موجة واسعة من الغضب بين النشطاء وأفراد مجتمع ذوي الإعاقة.

الانتقادات التي وُجهت للتعديلات الجديدة تركزت على أنها تُفرغ القانون من مضمونه، وتحوله من وسيلة لضمان الحقوق إلى أداة إدارية تضيف مزيدًا من القيود بدلًا من تقديم الدعم.

 

أخشى أن يُفصلني المدير في أي وقت
ليلى عبد الرحمن، 29 عامًا، شابة كفيفة تعمل في مكتبة عامة بوسط القاهرة بعد سنوات من السعي للحصول على فرصة عمل، عبّرت عن قلقها قائلة:

"أنا ما بشتغلش علشان أترحم عليّ، أنا بشتغل علشان عندي كفاءة... دلوقتي القانون الجديد بيخليني تحت رحمة أي مدير ممكن يقرر إني مش مناسبة".

ليلى تخشى من أن تُفصل في أي لحظة، خاصة مع إلغاء الضمانات السابقة التي كانت تحميها من الفصل بحجة "عدم الكفاءة" رغم أدائها الجيد. التعديلات الجديدة تمنح جهة العمل حق التقييم السنوي وفقًا لمعايير غير واضحة، ما يفتح الباب أمام قرارات تعسفية.

 

حلم المشروع الصغير انتهى
أما أحمد صبري، 41 عامًا، الذي فقد ساقه في حادث عمل منذ أكثر من عشر سنوات، فكان القانون يمنحه أولوية للحصول على تمويل حكومي لمشاريع صغيرة. لكن التعديلات الأخيرة ألغت هذا الامتياز تحت شعار "إعادة هيكلة الدعم".

"كنت حاطط أمل أفتح ورشة صغيرة تعيشني وتعيش ولادي… التعديل الجديد قفل الباب في وشي، وقالولي روح قدّم زيك زي أي حد".

يرى أحمد أن ما تسميه الحكومة "تساويًا في الفرص" هو في الواقع إقصاء غير مباشر، لأن الأشخاص ذوي الإعاقة ينافسون في سوق غير متكافئ أصلًا.

 

الدواء صار رفاهية
مها عبد اللطيف، 55 عامًا، مصابة بضمور عضلي منذ الطفولة، كانت الدولة تتحمل جزءًا كبيرًا من تكلفة علاجها الشهري، لكن بعد التعديلات أصبح الدعم الصحي مشروطًا بإثبات أن العلاج "يؤثر بشكل مباشر على القدرة على العمل".

"أنا مش قادرة أشتغل أساسًا... العلاج ده علشان أقدر أعيش وأتحرك، مش علشان أشتغل"، تقول مها التي فقدت نصف قيمة الدعم المخصص للدواء، وبدأت تطلق نداءات استغاثة عبر مواقع التواصل.

 

ردود فعل غاضبة على مواقع التواصل
توالت ردود الأفعال على المنصات الاجتماعية، حيث كتب الناشط عصام:

"بعد ما رجالتهم ركبت عربيات المعاقين وعملوا من وراها فلوس، النهارده بيطلع قانون يضر بيه المعاق ويحط عليه في حاجة مالوش ذنب فيها".
🔗 رابط التغريدة

أما أحمد أبو حسين، فعلق قائلًا:

"الحكاية من وجهة نظري أن الحكومة هتقلب الناس دي في القرشين اللي معاهم وبعد كده بلح... نشوف بعد كده حاجة تانية من أول تصالح المباني المخالفة لسيارات المعاقين وحاليًا التوك توك، وبعد كده قانون المالك والمستأجر".
🔗 رابط التغريدة

 

من ضمان الحقوق إلى قيود مُضافة
القانون السابق كان يمنح ذوي الإعاقة عددًا من الحقوق الأساسية، منها:

  • نسبة 5% في التوظيف بالقطاعين العام والخاص
  • دعم مالي وصحي
  • تسهيلات في الإسكان والمواصلات
  • حماية من الفصل التعسفي

لكن التعديلات الجديدة، وفقًا لخبراء ومتابعين، قلّصت هذه الحقوق بشكل كبير، ووضعت شروطًا أكثر تعقيدًا، منها:

  • اشتراط تقارير طبية دورية
  • معايير غير محددة لـ"إثبات الكفاءة"
  • تقييمات تخضع لتقديرات لجان حكومية

وهو ما قد يفتح الباب أمام تمييز ممنهج وصعوبة في إثبات الأحقية بالحقوق التي كانت مكفولة سابقًا.
 

الحقوق ليست ترفًا
يرى كثير من ذوي الإعاقة أن هذه التعديلات لم تأتِ في سياق دعم أو إصلاح، بل جاءت لتجريدهم من مكاسب طال انتظارها، وتحويل القانون من سند إلى عبء إداري جديد.
في مجتمع يواجه فيه الأشخاص ذوو الإعاقة تمييزًا يوميًا، تبدو هذه التعديلات كخطوة إضافية تؤكد، من وجهة نظرهم، أن الدولة لا تسعى إلى دمجهم، بل إلى تقليص فرصهم في الحياة الكريمة.