شهدت العاصمة السويدية ستوكهولم منذ ساعات تجمعًا إنسانيًا مؤثرًا لفت الأنظار. وقف المتظاهرون في أحد الشوارع، حاملين دمى ملفوفة بقطع قماش بيضاء رمزية لعزاء الأطفال الذين يُقتلون يوميًا في غزة.
المشهد، الذي لم يكن درسًا تمثيليًا فحسب، بل كان مسرحًا حقيقياً لغضب عالمي - رسالة بأن الإنسانية لم تمت بعد.
هذا الحشد لم يكن أولًا، بل يتبع سلسلة من الاحتجاجات المستمرة التي تزايدت وتيرتها منذ بداية الشهر، في السويد وخارجها، تضامنًا مع غزة وانتقادًا للمواقف الحكومية المترددة.
مسيرة الدمى البيضاء: كيف ولدت الفكرة؟
المشهد الرمزي للدمى الملفوفة بالأبيض هو ترجمة بليغة لمعاناة أطفال غزة، الذين لديهم فقط الصمت دفينًا بعد أن تلاشت حياتهم في قصف يومي لا يتوقف.
المنظمون أرادوا القول: "هؤلاء يموتون بدم صامت، فكيف نصمت ونحن على بُعد آلاف الكيلومترات؟"
الرؤية الإنسانية الجريئة نجحت في اختيار رمز يضرب القلب مباشرة؛ فالدمية البيضاء تعني بلاشك الطفل الذي لم يعد على قيد الحياة، والتجمع اعتمد على السكون، وليس الشعارات، كأفضل رد على الصمت العالمي.
تظاهرات السويد منذ بداية الشهر
- 19 يوليو – مظاهرات في ستوكهولم
في 19 يوليو، اندفق المئات في ستوكهولم باتجاه البرلمان، حاملين شعارات مثل "الأطفال يُقتلون في غزة" و"وقف الإبادة". صوت الناشطة غريتا ثونبرغ تصدّر المشهد، داعية إلى إنهاء الحصار والمجازر
- 25 مايو – مظاهرة ضخمة في Odenplan تجمّع المئات من المدنيين في ساحة أودنبلان احتجاجًا على المذابح في غزة، مطالبين الحكومة بخطوات ملموسة لوقف المذبحة والسماح بالإغاثة الإنسانية.
- 1 مايو – مسيرة العمال وتضامن مع غزة
في عيد العمال، شارك نشطاء وسكّان في احتجاج بارز، رفعوا شعارات تضامنية مثل “فلسطين حرة”، وانتقدوا ما أسموه “ازدواجية الغرب”.
- 18 مايو – يوم النكبة في أوروبا
جرت تظاهرات قانونية في ستوكهولم، حيث نزل الآلاف في مسيرات تحمل صور الأطفال وعناوينهم وهم يُشهدون للعالم بأن المجزرة لا تزال مستمرة.
- 14 يونيو – نزول غريتا مظاهرة جديدة
مرة أخرى، شاركت غريتا ثونبرغ في مسيرة أمام البرلمان السويدي، مطالبة بإنهاء ما وصفته بـ "إبادة الشعب الفلسطيني". تنددت أيضًا بالدعم الغربي المطلق لإسرائيل.
ماذا تعني هذه التظاهرات؟ ولماذا السويد تحديدًا؟
- المساحة السياسية المفتوحة في السويد: توفر بيئة مدنية تحترم الحق في التعبير عن التضامن، رغم تحفظات في الحكومة.
- رمزية الثبات السلمي: استمرارية هذه التظاهرات—منطقية وسلمية—تعكس أن الوقفة ليست عرضًا عابرًا، بل معركة ضمير.
- الدور الفردي والتنوّع: منظمات المجتمع المدني، الطلاب، والنشطاء مثل غريتا يلعبون دورًا فاعلًا في تشكيل خطاب ضاغط على القرار السياسي.
خلفية التظاهر العالمي خلال الشهر
التضامن السويدي جزء من موجة تجاوزت الحدود:
- إضرابات في فرنسا وإسبانيا، ووقفات في لندن، بروكسل وبرلين.
- مظاهرات كبرى في أستراليا — حيث قُدّر عدد المشاركين بـ 90,000 متظاهر في جسر سيدني يوم 3 أغسطس.
- حملة "Red Line" في هولندا، حيث ارتدى المتظاهرون الملابس الحمراء في هاغ، مطالبين بعقوبات على إسرائيل، متظاهرين أعدادًا ضخمة.
الرسائل المضمرة لهذه التظاهرات
- رفض للصمت الدولي والتواطؤ: رسائل مثل "Stop the genocide" تُكرر أن السكوت على المجزرة لا معنى له.
- دعوة للمساءلة والضغط السياسي: الشعارات لا تطالب بموقف عاطفي فقط، بل بقرارات ملموسة — تقليص الحرب، تصعيد الدبلوماسية، فرض عقوبات.
- قوة المدنية: أن تكون هناك بناة خلافية بالوسائل السلمية وسط الجو الإنساني — فهذا يؤثر في الإعلام والقرارات.
الدمى البيضاء أكثر صدقاً من الكلمات الرسمية
ما يميز التظاهرة الأخيرة في ستوكهولم—to carry dolls wrapped in white cloth—is أنها صرخة واضحة بأن الأطفال الذين لا صوت لهم أصبح لهم صوت عبر الجسد الإنساني.
وفي حين تتأمل الشعارات أنظمة وحكومات—تظل هذه الوقفات المدنية هي القلب النابض للوعي العالمي.
القصة لا تنتهي في ستوكهولم. إنها امتداد لمحطات متعددة من الرجاء، الألم، والمناشدة لتغيير عالمي، وإسقاط صمت الدول. إن حمل الدمى البيض لم يكن عرضًا رمزيًا بسيطًا — بل رسالة، ربما تكون الأقوى حتى الآن.