أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء مؤخرًا أن عدد سكان مصر داخل البلاد قد بلغ 108 ملايين نسمة، بزيادة مليون مولود خلال أقل من عشرة أشهر.
في حين خرج النظام المنقلب للتفاخر بهذا "الإنجاز"، مشيرًا إلى أن الزيادة السكانية "تحت السيطرة" بفضل برامج التوعية وسياسات الدولة، إلا أن العديد من الخبراء والمراقبين يرون أن هذه الأرقام تكشف فشل النظام في إدارة الأزمة السكانية.
 

النظام يروج لدعاية سياسية: الفشل في مواجهة الأزمات
رغم محاولات النظام تصوير الزيادة السكانية كإنجاز، فإن الواقع يكشف عن تحديات كبيرة.
فكل مليون مولود جديد يعني زيادة في الأعباء على قطاعات أساسية مثل التعليم والصحة والاقتصاد.
وبالتالي، يبقى السؤال قائمًا: هل يمتلك النظام خطة فعالة لمواجهة الانفجار السكاني؟ أم أن هناك هروبًا مستمرًا إلى الأمام من خلال الشعارات السياسية التي لا تعكس الواقع؟
 

أزمة الزيادة السكانية: من "الخطر القومي" إلى الفشل المستمر
منذ تولي الانقلاب السلطة، وضع ملف الزيادة السكانية على رأس أولوياته، واصفًا إياه في عدة مناسبات بـ"الخطر القومي" الذي يعادل تهديد الإرهاب.
ولكن على مدار السنوات، لم ينجح النظام في تقديم أي خطة شاملة للحد من هذه الأزمة، بل اكتفى بحملات دعائية محدودة مثل:

  • حملات إعلامية للتوعية.
  • برامج تنظيم الأسرة عبر وزارة الصحة.
  • حملات دينية تحذر من كثرة الإنجاب.

ولكن، كما أظهرت الأرقام الأخيرة، لم تحقق هذه البرامج سوى تراجع طفيف في معدلات الإنجاب، وهو تراجع سرعان ما ابتلعته قوة الزخم السكاني الهائل.
 

النظام يتهرب من المسؤولية: تحميل الشعب عبء الأزمات
الخبير الاقتصادي ممدوح الولي يرى أن النظام يستخدم الأرقام السكانية كغطاء لتبرير فشله في التعامل مع الأزمات الاقتصادية.
فبينما يلقي النظام اللوم على الزيادة السكانية باعتبارها السبب الرئيس في الأزمات الاقتصادية، يتجاهل المشاكل الحقيقية مثل:

  • الفساد المستشري في أجهزة الدولة.
  • غياب خطط التنمية المستدامة.
  • إهدار الموارد في مشاريع غير ضرورية (مثل العاصمة الإدارية والقصور الرئاسية).

وبحسب الولي، فإن الشعب ليس المسؤول عن الفقر والبطالة، بل النظام الذي فشل في استغلال الطاقات البشرية وتحويلها إلى ثروة إنتاجية.
 

الزيادة السكانية: الفقر هو السبب لا سياسات الدولة
فيما يروج النظام بأن تراجع معدل الإنجاب هو نتيجة جهود "برامج الدولة"، تكشف الوقائع أن هذا التراجع، إن حدث، يرتبط في المقام الأول بالظروف الاقتصادية الصعبة.
فالأسر المصرية تعجز عن تحمل تكاليف تربية الأطفال في ظل الغلاء وارتفاع الأسعار. وبذلك، فإن الفقر هو الذي يحد من الإنجاب، لا سياسات الدولة.
 

ضغط متزايد على التعليم والصحة والبنية التحتية
مع وصول عدد السكان إلى 108 مليون نسمة، يواجه نظام الانقلاب ضغوطًا هائلة على العديد من القطاعات الحيوية:

  • التعليم: حيث تجاوزت كثافة الفصول في بعض المدارس 70 طالبًا، مع ضعف جودة التعليم وغياب المعلمين المؤهلين.
  • الصحة: تعاني المستشفيات الحكومية من نقص الأدوية والأطباء، فيما يزداد الوضع سوءًا مع كل زيادة سكانية.
  • البنية التحتية: من مياه وصرف صحي وكهرباء وطرق، وهي بنية لا تحتمل الأعداد الحالية.
  • الاقتصاد: مع كل مليون نسمة إضافية، تزيد أعداد العاطلين عن العمل، مما يعمق من أزمة الدعم الحكومي للسلع والخدمات في وقت تعاني فيه الدولة من أزمة ديون.
     

الواقع الميداني: أهالي الأحياء الشعبية يواجهون ظروفًا قاسية
في الأحياء الشعبية، يبقى الواقع مختلفًا تمامًا. العديد من الأسر ما زالت تنجب أكثر من طفلين أو ثلاثة، ليس بسبب الرفاهية، بل بسبب:

  • ثقافة مجتمعية مرتبطة بالفقر والاعتماد على الأبناء كمصدر دخل.
  • غياب الوعي الحقيقي، حيث تقتصر الحملات الحكومية على شاشات التلفاز دون التأثير الفعلي في الريف والمناطق المهمشة.
  • ضعف الخدمات الصحية، مما يجعل برامج تنظيم الأسرة غير فعالة في هذه المناطق.
     

التناقضات الحكومية: الشعب يتحمل المسؤولية بينما النظام يتفاخر
الكثير من المعارضين يعتبرون أن النظام يستخدم ملف الزيادة السكانية كسلاح سياسي.
من ناحية، يحمّل الشعب مسؤولية الفقر والديون، ومن ناحية أخرى، يتفاخر بوجود "شعب ضخم" يمكنه أن يكون قوة اقتصادية وعسكرية.
هذا التناقض يوضح غياب أي إستراتيجية حقيقية للتعامل مع الملف السكاني، واكتفاء النظام بالشعارات السياسية التي تتناسب مع كل مرحلة.
 

مستقبل مجهول: الزيادة السكانية والتهديد للأجيال القادمة
إن وصول عدد سكان مصر إلى 108 مليون نسمة لا يعد إنجازًا يمكن الاحتفاء به. بل يمثل جرس إنذار خطيرًا حول استمرار التدهور الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
وتؤكد المعارضة أن الأزمة السكانية لا يمكن حلها بالدعاية الحكومية أو الشعارات. بل تحتاج إلى إستراتيجية متكاملة تشمل:

  • إصلاح قطاع التعليم والصحة.
  • خلق فرص عمل حقيقية.
  • رفع مستوى الوعي المجتمعي عبر برامج عملية ومؤثرة.
  • محاربة الفساد واستغلال الموارد بكفاءة.

طالما استمر النظام في التهرب من مسؤولياته، وتجاهل السياسات الفاشلة، فإن الزيادة السكانية ستظل عبئًا مضاعفًا يزيد من معاناة المصريين.