في ليلة من ليالي المجد الكروي التي لا تُنسى، كتب المنتخب المغربي للشباب فصلاً جديداً في تاريخ كرة القدم الإفريقية والعالمية، بعدما تُوّج بطلاً لكأس العالم للشباب تحت 20 عاماً للمرة الأولى في تاريخه، إثر فوزه المستحق على المنتخب الأرجنتيني بهدفين دون رد في المباراة النهائية التي احتضنها ملعب خوليو مارتينيز برادانوس، وسط أجواء جماهيرية ملتهبة ساندت أسود الأطلس حتى صافرة النهاية.

 

الفوز التاريخي لم يكن مجرد لقب، بل تتويج لمسيرة استثنائية قدم فيها أبناء المغرب أداءً مبهراً جمع بين القوة والمهارة والانضباط التكتيكي، ليصبحوا حديث العالم وعنوان فخر لقارة إفريقيا التي استعادت بريقها في المحافل العالمية بعد غياب طويل.

 

ياسر الزابيري.. البطل الذي دوّن اسمه في سجل الخالدين

 

الفضل الأكبر في هذا الإنجاز يعود إلى الموهبة المغربية الصاعدة ياسر الزابيري، الذي خطف الأضواء بتسجيله هدفي المباراة في الدقيقتين 12 و29، ليقود منتخب بلاده إلى معانقة الذهب العالمي.

 

الزابيري، الذي أبهر الجماهير بمهارته وسرعته، لم يكن مجرد هداف، بل رمزاً للإصرار والعزيمة، إذ تحوّل إلى معشوق الجماهير المغربية والعربية التي احتفلت بإنجازه على وسائل التواصل الاجتماعي، واعتبرته "رمز الجيل الجديد" لكرة القدم المغربية.

 

محمد وهبي.. القائد الهادئ وراء الثورة الكروية المغربية


وراء هذا النجاح الاستثنائي، يقف المدرب البلجيكي من أصول مغربية محمد وهبي، الذي قاد كتيبته بثقة وحنكة عالية، واستطاع أن يبني فريقاً متجانساً يجمع بين المهارة الفردية والانضباط الجماعي.

 

وهبي، الذي خاض البطولة بعقلية المنتصرين، اعتمد أسلوب الضغط العالي والهجمات المنظمة، ما أربك حسابات كل الخصوم، بما فيهم المنتخب الأرجنتيني صاحب الرقم القياسي في عدد مرات التتويج بالبطولة.

 

رحلة الأبطال.. من “مجموعة الموت” إلى القمة العالمية


مشوار أسود الأطلس نحو المجد لم يكن مفروشاً بالورود. فقد تصدر المنتخب المغربي ما وُصف بـ"مجموعة الموت" التي ضمت عمالقة اللعبة: إسبانيا، البرازيل، والمكسيك، قبل أن يواصل رحلته البطولية بإقصاء منتخبات كوريا الجنوبية وأمريكا وفرنسا في الأدوار الإقصائية.

 

وجاءت المحطة الأخيرة أمام الأرجنتين، حيث قدّم المغاربة عرضاً منضبطاً دفاعياً وهجومياً، مُلقّنين خصمهم درساً في التنظيم والروح القتالية العالية.

 

عثمان معمة.. أفضل لاعب في البطولة ونجم المستقبل


من جهة أخرى، خطف الجناح المغربي المتألق عثمان معمة الأضواء بعد تتويجه بجائزة أفضل لاعب في كأس العالم للشباب، تقديراً لأدائه المبهر الذي ساهم خلاله في خمسة أهداف — أربعة تمريرات حاسمة وهدف شخصي رائع.


وحلّ خلفه في الترتيب مواطنه الزابيري كأفضل هداف برصيد 5 أهداف، بينما جاء الأرجنتيني ميلتون ديلجادو ثالثاً، وحصل زميله سانتينو باربي على جائزة أفضل حارس مرمى في البطولة.

 

إنجاز قاري وتاريخ يعيد هيبة إفريقيا


بهذا التتويج، أصبح المنتخب المغربي أول منتخب إفريقي يظفر بلقب كأس العالم للشباب منذ إنجاز غانا التاريخي في نسخة مصر عام 2009، ليعيد للكرة الإفريقية هيبتها المفقودة، ويؤكد أن القارة السمراء قادرة على المنافسة في أعلى المستويات عندما يتوفر التخطيط والاحتراف.

 

احتفالات عارمة عمّت المدن المغربية والعربية، حيث خرجت الجماهير إلى الشوارع رافعة الأعلام ومرددة الهتافات: "بالروح، بالدم، نفديك يا مغرب!"، في مشهدٍ جسّد وحدة الشعوب العربية خلف ممثلهم في البطولة العالمية.

 

 أسود الأطلس يفتحون صفحة جديدة في تاريخ كرة القدم


بهذا الإنجاز الاستثنائي، أثبت المنتخب المغربي للشباب أن الطموح والإيمان بالقدرة على الحلم هما طريق المجد، وأن الكرة الإفريقية قادرة على مقارعة كبار العالم متى ما امتلكت الثقة والرؤية.
إنه إنجاز سيظل محفوراً في ذاكرة التاريخ، وسيكون دافعاً للأجيال القادمة لتكرار المجد ورفع راية إفريقيا والمغرب عالياً في سماء البطولات العالمية.

 

شاهد أهداف المباراة النهائية بين المغرب والأرجنتين: