في الثاني والعشرين من أكتوبر من كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي للتأتأة، وهو مناسبة تهدف إلى رفع الوعي حول اضطراب يؤثر على ملايين الأطفال والبالغين في جميع أنحاء العالم. ويأتي هذا اليوم ليذكّر المجتمع بأهمية الفهم والدعم، بعيدًا عن الأحكام المسبقة أو التنمر، وليسلّط الضوء على دور الأسرة، وبالأخص الأم، في مساعدة الأطفال على تجاوز هذه الحالة بثقة وهدوء.
🔹 ما هي التأتأة؟
التأتأة، أو اضطراب الطلاقة الكلامية، هي صعوبة في النطق المتسلسل للكلمات، حيث يعاني الشخص من تكرار الأصوات أو المقاطع أو توقفات مفاجئة أثناء الكلام. وعلى الرغم من أن السبب الدقيق لا يزال غير معروف تمامًا، فإن العوامل النفسية والعصبية والوراثية قد تلعب دورًا في ظهورها.
ويشير المختصون إلى أن معظم الأطفال الذين تظهر عليهم علامات التأتأة في سن مبكرة يمكن أن يتحسنوا تدريجيًا إذا تم التعامل معهم بطريقة صحيحة، دون ضغط أو توبيخ أو سخرية.
🔹 الأم.. العنصر الأهم في رحلة التعافي
تعتبر الأم الركيزة الأساسية في حياة الطفل المتلعثم، فهي الشخص الأقرب إليه نفسيًا وعاطفيًا، وصاحبة التأثير الأكبر في دعمه وتشجيعه على تجاوز مخاوفه. تصرفات الأم اليومية وطريقتها في التفاعل مع الطفل يمكن أن تكون الفارق بين استمرار المشكلة أو تحسنها.
ويؤكد خبراء التربية وعلاج النطق أن "الاستماع المتفهم" و"الصبر" هما أول خطوتين في طريق المساندة الفعالة. فحين يشعر الطفل أن أمه تنصت إليه باهتمام ولا تقاطعه أثناء الحديث، تتراجع نسبة القلق ويزداد شعوره بالأمان، وهو ما ينعكس إيجابًا على قدرته في التعبير بسلاسة أكبر.
🔹 نصائح ذهبية للأمهات لدعم الأبناء
1. التحلي بالصبر والطمأنينة:
ينصح المختصون الأمهات بعدم التسرع في تصحيح كلمات الطفل أو إنهاء جُمله، فذلك يخلق توترًا داخليًا يزيد من حدة التأتأة. منح الطفل الوقت الكافي للتعبير عن نفسه يعزز ثقته بنفسه ويقلل من القلق الذي يفاقم المشكلة.
2. الاستماع الفعّال والتشجيع الإيجابي:
يحتاج الطفل إلى أن يشعر بأن حديثه مسموع ومقدّر، بغضّ النظر عن الأخطاء أو البطء. كلمات مثل "أنت تتحدث بطريقة جميلة" أو "أحب أن أسمعك تتكلم" تُحدث فرقًا حقيقيًا في بناء الثقة.
3. تجنّب الانتقاد أو السخرية:
حتى الملاحظات البسيطة أو الضحك العفوي يمكن أن يترك أثرًا عميقًا في نفس الطفل، ويدفعه إلى تجنّب الحديث أمام الآخرين. البيئة الخالية من الأحكام تعطيه شجاعة للمحاولة دون خوف.
4. جلسات تحفيزية للكلام:
يمكن للأم أن تنظّم جلسات يومية قصيرة للتحدث مع الطفل حول موضوعات محبّبة له، مثل ألعابه أو قصصه المفضّلة. الهدف هو تشجيعه على الكلام في أجواء مريحة وداعمة.
5. بيئة هادئة ومريحة:
التوتر الأسري أو المشاحنات اليومية قد تؤثر سلبًا على الحالة النفسية للطفل. الهدوء والدفء الأسري يساعدان في تهدئة الجهاز العصبي وتحسين الطلاقة الكلامية.
6. التعاون مع معالج النطق:
في الحالات التي تستمر لفترة طويلة أو تتفاقم، من الضروري استشارة مختص في علاج النطق، إذ يمكنه تقديم تدريبات عملية تساعد الطفل على تحسين مهارات التواصل والسيطرة على التأتأة.
7. عدم الضغط الزائد:
محاولة إجبار الطفل على "الكلام بشكل صحيح" أو مقارنته بغيره يخلق توترًا مضاعفًا. الهدف هو المساندة لا المثالية، والتقدم التدريجي لا التحسّن الفوري.
8. تشجيع المشاركة الاجتماعية:
المشاركة في أنشطة مدرسية وجماعية تمنح الطفل فرصة للتفاعل دون خوف، وتزيد من ثقته بنفسه. الألعاب الجماعية أو القراءة بصوت مرتفع أمام زملائه تساعده في تطوير طلاقته الكلامية تدريجيًا.
🔹 رسائل إنسانية في اليوم العالمي للتأتأة
يهدف هذا اليوم إلى ترسيخ ثقافة التقبل والاحترام لكل من يواجه صعوبات في النطق. فالتأتأة لا تقلل من ذكاء الطفل أو قدراته، بل هي مجرد تحدٍ يمكن تجاوزه بالرعاية والفهم.
وفي هذا السياق، دعت منظمات متخصصة في علاج اضطرابات النطق إلى ضرورة إدماج حملات توعوية في المدارس ووسائل الإعلام، لتثقيف أولياء الأمور والمعلمين حول كيفية التعامل الصحيح مع الأطفال المتلعثمين، بما يضمن لهم بيئة آمنة خالية من السخرية أو الإقصاء.