شهدت محافظة سوهاج واقعة مؤثرة ومثيرة للجدل بعد أن تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر بائعين مفترشين الأرض أمام لودر الإزالة، في محاولة يائسة لمنع هدم محلاتهم التجارية بحجة تنفيذ أعمال رصف الطرق، وسط حالة من الغضب الشعبي على ما وصفوه بـ“تعنت” رئيس المدينة تجاه الباعة البسطاء.

 

في الفيديو، الذي حظي بانتشار واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، ظهر أحد البائعين وهو يوجّه حديثه إلى المسؤولين قائلاً بصوت متأثر:

 

“خش فينا يا عم حمدان، المحافظ عنده علم ونائب المحافظ عنده علم، وجه المكان ده وطلب الترخيص للمكان ده، ورئيس المدينة معاند، والنواب معاندين، وإحنا هنموت في المكان ده، واللي عايز يموتنا يموتنا وإحنا قاعدين. قالي هعملك بديل، طلعت على البديل، عايز إيه مني رئيس المدينة؟”.

 

الكلمات التي نطقها الرجل وسط حالة من الانفعال والدموع، عبّرت عن حالة الغضب والإحباط التي يعيشها عدد من صغار الباعة في سوهاج، ممن يقولون إنهم ضحايا قرارات إزالة “تعسفية” لا تراعي ظروفهم المعيشية، في وقت تتزايد فيه الأزمات الاقتصادية وارتفاع الأسعار.

 

الفيديو أثار موجة واسعة من التعاطف على موقع “فيسبوك”، حيث طالب مئات المعلقين بفتح تحقيق عاجل في الواقعة ومحاسبة المسؤولين عن “تجاهل أوضاع البائعين البسطاء”.

 

وكتب أحد النشطاء تعليقاً يقول: “إزاي رئيس مدينة يهد رزق ناس كادحة بالطريقة دي؟! المفروض يكون في بدائل محترمة مش لودر قدام بشر”.

 

 

كما دعت صفحات محلية في سوهاج المحافظ إلى التدخل العاجل ووقف الإزالات مؤقتًا إلى حين التحقق من مدى قانونية التراخيص والبدائل المقترحة، مشيرةً إلى أن “التنمية لا تعني سحق الفقراء”.
 

 

بين التنمية ولقمة العيش


تسلّط هذه الواقعة الضوء مجددًا على الإشكالية المزمنة بين خطط الدولة للتطوير الحضري وحق المواطنين البسطاء في مصدر رزقهم، حيث يرى كثيرون أن التطوير لا ينبغي أن يتم على حساب الضعفاء، وأنه كان من الأجدى إيجاد بدائل حقيقية قبل تنفيذ الإزالات.

 

الفيديو الذي تجاوز آلاف المشاهدات والتعليقات خلال ساعات قليلة، بات رمزًا جديدًا لمعاناة الفئات المهمّشة التي تشعر بأن صوتها لا يُسمع، وأنها مضطرة لأن تتوسد الأرض وتواجه الجرافات بصدورها العارية دفاعًا عن لقمة العيش.