تشهد الساحة الدولية تصعيدًا حادًا في الخطاب السياسي والعقوبات الاقتصادية، مع إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب نيته فرض عقوبات جديدة قد تشمل إيران وروسيا، على خلفية الحرب المستمرة في أوكرانيا وتطورات البرنامج النووي الإيراني.

 

وفي حين يرى مراقبون أن هذه الخطوات تمثل استراتيجية ضغط قصوى تهدف إلى خنق العائدات الاقتصادية لروسيا والحد من نفوذ إيران الإقليمي، ترد طهران بتأكيد مضيّها قدمًا في برنامجها النووي وتندد بما تصفه بـ"الضربات التخريبية" على بنيتها التحتية.

 

ترامب: "أي دولة تتعامل مع روسيا ستُعاقب… وربما نضيف إيران"

 

في تصريح مثير، هدد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بفرض عقوبات مشددة على أي دولة تتعامل تجاريًا مع روسيا، مؤكدًا أن الجمهوريين يعدّون حاليًا مشروع قانون بهذا الخصوص.

 

وقال ترامب: "كما تعلمون، أنا من اقترح ذلك… أي دولة ستجري تعاملات تجارية مع روسيا ستخضع لعقوبات شديدة للغاية. وربما نضيف إيران إلى تلك القائمة كما اقترحت".

 

يأتي هذا التهديد في ظل سعي إدارة بايدن والجمهوريين على حد سواء لتضييق الخناق على الاقتصاد الروسي، عبر استهداف مصدر دخله الأساسي وهو قطاع النفط والغاز، بهدف وقف تمويل الحرب ضد أوكرانيا ودفع موسكو إلى مفاوضات سلام مع كييف.

 

عقوبات أمريكية موسعة على روسيا وشركائها

 

ضمن هذا السياق، فرضت واشنطن مؤخرًا عقوبات اقتصادية جديدة طالت:

 

أكبر شركتي نفط روسيتين: "روسنفت" و"لوك أويل"

 

شركات فرعية تمتلك فيها الحكومة الروسية حصة تتجاوز 50%

 

قطاعات حيوية مثل الصناعات الدفاعية والبنوك والتكنولوجيا والطاقة

 

تهدف هذه العقوبات إلى تقويض قدرة موسكو على الاستمرار في العمليات العسكرية، وضرب شبكات الإمداد الصناعي المرتبطة بالحرب.

 

إيران في مرمى العقوبات مجددًا

 

لم تكتف الولايات المتحدة بروسيا، بل وسّعت نطاق العقوبات ليشمل إيران وشبكاتها الدولية.

 

حيث أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات على 32 فردًا وكيانًا في:

 

  • إيران
  • الإمارات العربية المتحدة
  • تركيا
  • الصين وهونغ كونغ
  • الهند
  • ألمانيا
  • أوكرانيا

 

بحجة تورطهم في دعم إنتاج الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة الإيرانية، والتي ترى واشنطن أنها تُستخدم لتهديد أمن الملاحة الإقليمية وخاصة في البحر الأحمر، وتُشكل خطرًا مباشرًا على حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط.

 

خطيب زاده: "برنامجنا النووي سليم… وسنحميه"

 

ردًا على هذه التحركات، قال سعيد خطيب زاده، نائب وزير الخارجية الإيراني، إن برنامج بلاده النووي لا يزال سليمًا رغم الهجمات الأمريكية والإسرائيلية التي قال إنها "دمرت الكثير من البنية التحتية".

 

وأضاف: "البرنامج النووي يعتمد إلى حد كبير على معرفتنا المحلية، وهو منتشر في أنحاء بلدنا الواسع… وسنحميه".

 

هذا التصريح يعكس إصرارًا من طهران على مواصلة تخصيب اليورانيوم وتطوير التقنية النووية، رغم ما تواجهه من ضغوط وعقوبات ومخاطر أمنية.

 

احتجاز ناقلة نفط يُشعل التوتر في الخليج

 

في تطور ميداني موازٍ، أعلن الحرس الثوري الإيراني احتجاز ناقلة نفط في مياه الخليج، بعد تغييرها لمسارها بشكل مفاجئ في مضيق هرمز.

 

تتهم الولايات المتحدة وإسرائيل إيران باستخدام مثل هذه العمليات كـ"أوراق ضغط"، فيما تقول طهران إنها خطوات سيادية لحماية الأمن القومي ورد على ما تصفه بـ"القرصنة الاقتصادية الغربية".

 

آلية الزناد تعيد العقوبات الأممية على إيران

 

بالتوازي مع العقوبات الأمريكية، استعادت الأمم المتحدة مؤخرًا عقوباتها على إيران من خلال آلية "Snapback"، والتي تم تفعيلها بعد إخفاق طهران في الالتزام ببنود الاتفاق النووي.

 

آلية الزناد هي بند ضمن قرار مجلس الأمن رقم 2231 الصادر عام 2015، والذي ينص على إمكانية إعادة فرض العقوبات تلقائيًا إذا اشتكت أي دولة مشاركة في الاتفاق من انتهاك إيراني كبير.

 

وبذلك تعود إيران إلى دائرة العقوبات الدولية، وسط تراجع فرص إحياء الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة عام 2018.

 

وفي ظل هذا التصعيد المتعدد الأطراف، يبدو أن الملف الإيراني - الروسي بات على رأس أولويات السياسات الأمريكية، سواء من قبل الديمقراطيين أو الجمهوريين.

 

التهديدات بالعقوبات، واحتجاز السفن، وتدمير البنى النووية، ليست سوى مظاهر لحرب سياسية واقتصادية متصاعدة، يُستخدم فيها النفط والنووي والعقوبات كسلاح بديل عن الصواريخ.

 

وبينما تتمسك إيران بموقفها، وتواصل روسيا تحدي الغرب، يبقى الشرق الأوسط والخليج مسرحًا متقلبًا مفتوحًا على كل السيناريوهات—من التفاوض... إلى الانفجار.