أبدت منظمة مركز الشهاب لحقوق الإنسان قلقًا بالغًا حيال ما وصفته بالإجراءات التعسفية التي اتخذتها السلطات الإيطالية ضد المواطن المصري محمد محمود إبراهيم شاهين، المقيم في مدينة تورينو منذ قرابة عشرين عامًا، وذلك بعد إلغاء تصريح إقامته الأوروبي طويل الأجل وبدء التحضيرات لترحيله إلى مصر، في خطوة تعتبرها المنظمة انتهاكًا مباشرًا للالتزامات الدولية الخاصة بعدم الإعادة القسرية.
تعود القضية إلى 24 نوفمبر 2025 حين فُوجئ شاهين—وهو إمام معروف في مدينة تورينو وله حضور بارز في مبادرات الحوار بين الأديان—بقرارات اتخذتها وزارة الداخلية الإيطالية استنادًا إلى المادة 13/1 من القانون الموحد للهجرة (286/1998)، والتي استخدمت لتبرير قرار الطرد بدعوى أنه “يمثل خطرًا على الأمن العام”.
ورغم سنواته الطويلة في إيطاليا وسجله القانوني الخالي من أي مخالفات، وسمعته في المجتمع المحلي كصوت معتدل يدعو للسلمية ويحافظ على الهدوء خلال الفعاليات العامة، اعتُمد القرار على سلسلة اتهامات وصفتها جهات حقوقية بـ"الفضفاضة" و"غير المثبتة".
من بين الاتهامات الموجهة لشاهين، وفق ما ورد في ملف القضية، الادعاء بأنه "يتبنى أيديولوجيا متطرفة"، واتهامه بـ"إغلاق طريق عام" خلال تظاهرة تضامن مع الشعب الفلسطيني في مايو 2025، إلى جانب تفسير وصفته المنظمات الحقوقية بـ"المسيس والمبالغ فيه" لتعليق أدلى به في وقفة أخرى مؤيدة لفلسطين في أكتوبر من العام نفسه. وتؤكد مصادر محلية أن شاهين كان دائمًا من أوائل من يعملون على تجنب أي توتر خلال التجمعات العامة، وأنه شارك باستمرار في أنشطة مجتمعية وحلقات حوار بين الأديان، ما جعله شخصية معروفة وموثوقة داخل الجالية.
وبعد توقيفه، نُقل شاهين إلى مركز الاحتجاز من أجل الترحيل CPR في مدينة كالتانيسيتا جنوبي إيطاليا، حيث بقي بعيدًا عن أسرته ومحاميه، وسط اتهامات من منظمات حقوقية بأن عملية احتجازه وحرمانه من التواصل الكافي مع محاميه تتعارض مع معايير الإجراءات القانونية العادلة. كما رُفض طلبه للحماية الدولية في مراجعة مستعجلة وصفت بأنها افتقرت إلى الحد الأدنى من ضمانات النزاهة، وزادت المخاوف من أن القرار تأثر بتصنيف الحكومة الإيطالية لمصر باعتبارها إحدى "دول المنشأ الآمنة" — وهو تصنيف يلقى انتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان التي تؤكد أن هذا التصنيف يتجاهل ما يجري في مصر من تعذيب ممنهج، واعتقال تعسفي، ومحاكمات غير عادلة، خصوصًا بحق العائدين قسرًا.
وفي ظل هذه التطورات، دعا مركز الشهاب لحقوق الإنسان الحكومة الإيطالية إلى وقف إجراءات الترحيل فورًا، وتمكين شاهين من كامل حقه في تقديم طلب اللجوء والحصول على حماية دولية حقيقية، مع التأكيد على أن ترحيله إلى مصر قد يعرّضه لخطر مباشر يتمثل في التعذيب أو الاضطهاد، ما يجعل أي خطوة في هذا الاتجاه مخالفة صريحة للقانون الدولي.
كما شددت المنظمة على ضرورة احترام السلطات الإيطالية لالتزاماتها القانونية والأخلاقية، وعلى أهمية عدم الإقدام على أي إجراء من شأنه تعريض حياة الأفراد أو سلامتهم للخطر، مشيرة إلى أن قضية شاهين أصبحت نموذجًا مقلقًا لتزايد الضغوط على الجاليات العربية والمسلمة في أوروبا خلال السنوات الأخيرة.
وتختتم المنظمة بيانها بالتأكيد على أن حماية الحقوق الأساسية للأفراد يجب أن تبقى فوق أي اعتبارات سياسية أو أمنية غير مثبتة، مطالبة المجتمع المدني الأوروبي بالتحرك ومراقبة الإجراءات التي تتم داخل مراكز الاحتجاز الإيطالية، وضمان احترام المعايير الدولية الخاصة بحماية اللاجئين والمهددين بالاضطهاد.
https://www.facebook.com/elshehab.ngo/posts/1255652159942562?ref=embed_post

