في ضربة أمنية نوعية زلزلت حسابات الاحتلال الإسرائيلي وأربكت أوراقه في قطاع غزة، أعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي مقتل ياسر أبو شباب، قائد الميليشيات المتعاونة مع الاحتلال، في كمين محكم نصبته كتائب القسام في رفح.

 

هذا الاغتيال ليس مجرد تصفية لعميل محلي، بل هو إسقاط لمشروع إسرائيلي كامل كان يهدف لزرع "سلطة عميلة" بديلة لحماس، تدير القطاع بالوكالة وتحمي مصالح الاحتلال. أبو شباب، الذي وصفه الإعلام العبري بـ"التهديد الاستراتيجي لحكم حماس"، انتهى به المطاف جثة هامدة، ليؤكد أن "غزة لا تقبل القسمة على الخيانة"، وأن يد المقاومة الطولى قادرة على الوصول إلى أدوات الاحتلال مهما تحصنوا بحمايته أو توغلوا في مناطقه "الآمنة" .

 

الكمين القاتل: فشل استخباري إسرائيلي جديد

 

تفاصيل العملية كما نقلتها المصادر العبرية (صحيفة "حدشوت للو تسنزورا" وصفحة "عميت سيغال") تكشف عن ثغرة أمنية كبرى في الجدار الإسرائيلي. كيف نجح مقاتلو القسام في تجاوز "الخط الأصفر" والوصول إلى منطقة عمليات أبو شباب في رفح، التي يفترض أنها تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة؟ هذا الاختراق يؤكد أن السيطرة الإسرائيلية على الأرض "هشة"، وأن حماس لا تزال تملك شبكة استخباراتية وعملياتية فعالة قادرة على رصد تحركات العملاء وتصفيتهم. مقتل غسان الدهيني (مساعده) معه في نفس الكمين يشير إلى أن العملية كانت "جراحية" واستهدفت رأس الهرم في هذه المليشيا لقطع دابرها تماماً .

 

من هو "أبو شباب"؟.. تاريخ من "البلطجة" والخيانة

 

ياسر أبو شباب لم يكن مجرد متعاون عادي، بل كان "رأس حربة" في المخطط الإسرائيلي لخلق فوضى منظمة في غزة. تزعم ما يسمى بـ"القوات الشعبية" أو "جهاز مكافحة الإرهاب"، وهي تسميات براقة لميليشيا قوامها 100 مسلح، سلحتهم إسرائيل ببنادق "الكلاشينكوف" المصادرة من حماس، ليكونوا ذراعاً قذرة للسطو على المساعدات الإنسانية وترويع الآمنين في شرق رفح.

 

تقارير "تايمز أوف إسرائيل" أكدت أن عمل هذه العصابة كان يتم بـ"موافقة ضمنية" وتنسيق كامل مع الجيش الإسرائيلي، في محاولة لخلق "أمراء حرب" يسيطرون على الأرض وينازعون المقاومة سلطتها، مستغلين حاجة الناس والجوع. لكن أبو شباب تجاوز دوره كـ"لص مساعدات" ليصبح "مشروعاً سياسياً" تدعمه إسرائيل (وبحسب ادعاءاته، بعض أطراف السلطة) ليكون نواة لحكم بديل .

 

براءة العائلة: الخيانة لا نسب لها

 

في مشهد يعكس أصالة النسيج الاجتماعي الفلسطيني، سارعت عائلة "أبو شباب" العريقة في غزة إلى إعلان براءتها التامة من ابنها العاق. بيان العائلة كان واضحاً وحاسماً: ياسر "خارج عن النهج الوطني والأخلاقي"، ولا يمت للعائلة بصلة. هذا الموقف الشجاع، وتعهد العائلة بملاحقته ومحاسبته، سحب الغطاء الاجتماعي عن العميل قبل أن تلاحقه رصاصات المقاومة. لقد أدرك الجميع أن أبو شباب "غرر بهم" وحاول استخدام اسم عائلته كدرع، لكن وعي الحاضنة الشعبية كان أسرع، فلفظته عشيرته قبل أن تلفظه أرض غزة.

 

رسالة المقاومة: "الخط الأحمر" الذي لا يُمحى

 

اغتيال أبو شباب يحمل رسالة نارية متعددة الاتجاهات.

 

- أولاً، للاحتلال: محاولاتكم لاستنساخ "روابط القرى" أو خلق "جيش لحد" جديد في غزة مصيرها الفشل؛ فالقطاع ليس لبنان الثمانينيات، والمقاومة تملك عيوناً لا تنام.

 

- ثانياً، لكل من تسول له نفسه التعاون: مصير أبو شباب هو "نموذج" لما ينتظر كل خائن، فلا الحماية الإسرائيلية ولا السلاح المستورد سيعصمكم من القصاص.

 

- ثالثاً، للجبهة الداخلية: المقاومة لا تزال هي "صاحبة السيادة" الحقيقية، وقادرة على فرض النظام ومعاقبة العابثين بأمن المجتمع وقوت يومه.

 

خاتمة: سقوط الرهان الإسرائيلي

 

بمقتل ياسر أبو شباب، يسقط رهان إسرائيلي كبير على تفتيت الجبهة الداخلية في غزة عبر "الوكلاء المحليين". هذه العملية تثبت أن الروح الوطنية في غزة أقوى من الجوع والحصار، وأن محاولات الاحتلال لصناعة "قيادات بديلة" من ورق تحترق عند أول اختبار حقيقي. غزة اليوم، ورغم كل الجراح، تؤكد أنها تلفظ الخبث، وأن الأرض لا تتسع إلا لأهلها المقاومين، أما "أبو شباب" وأمثاله، فمصيرهم مزبلة التاريخ، ورصاصة في الرأس تنهي فصل الخيانة للأبد.