لم تكن رصاصات المقاومة التي اخترقت جسد العميل ياسر أبو شباب في رفح مجرد نهاية لشخص باع وطنه، بل كانت إعلاناً مدوياً عن استعادة "زمام المبادرة" في الحرب الأمنية المعقدة التي تدور رحاها خلف خطوط النار في غزة.

 

الفرحة العارمة التي اجتاحت الشوارع، وتوزيع الحلوى في غزة ومخيمات لبنان، وتكبيرات العيد التي صدحت في الأجواء، لم تكن احتفالاً بموت شخص بقدر ما كانت احتفالاً بسقوط "مشروع الخيانة" الذي راهن عليه الاحتلال لكسر شوكة القطاع من الداخل. اليوم، تؤكد المقاومة أن يدها الطولى قادرة على الوصول إلى "حصون العملاء" مهما تحصنوا، وأن العدالة الثورية لا تسقط بالتقادم ولا تحجبها الحماية الإسرائيلية

 


 

 

"وكيل إسرائيل" يرحل.. صفعة مدوية للشاباك

 

الضربة لم تكن موجهة لأبو شباب وحده، بل كانت صفعة على وجه مشغليه في "الشاباك" و"الموساد". الدكتور يحيى غنيم وصف العملية بأنها "أعقد عملية أمنية للمقاومة"، مشيراً إلى اختراق استخباري مذهل، حيث تمكنت المقاومة من زرع أحد رجالها داخل الدائرة الضيقة للعميل حتى حانت ساعة الصفر. هذا الاختراق يكشف هشاشة المنظومة الأمنية التي تحمي هؤلاء العملاء، ويثبت أن "عيون المقاومة" لا تنام، وأنها قادرة على التغلغل في أعمق مفاصل الخيانة لتنفذ حكم الشعب
 

 

المحلل السياسي ياسر الزعاترة التقط دلالة العنوان في صحيفة "معاريف" العبرية: "وكيل إسرائيل في غزة رحل"، معتبراً أن هذا الاعتراف الصريح بنهايته هو "تأكيد للفشل" ودرس لكل من تسول له نفسه الرهان على الاحتلال

 

 

فرحة شعبية ولعنات تلاحق الخائن

 

رد الفعل الشعبي كان استفتاءً عفوياً على خيار المقاومة ورفض الخيانة. الدكتور فايز أبو شمالة نقل مشاهد توزيع الحلوى في شوارع غزة، معتبراً أن هذه العملية تؤكد أن "رجال القسام لا ينهزمون أبداً"، وأن من وصل إلى حصون العملاء اليوم، سيصل غداً إلى حصون مشغليهم. أما الدكتور محمد الصغير والدكتور مراد علي، فقد عبرا عن البعد الأخلاقي والديني للحدث، معتبرين هلاك "أبو شباب" نهاية طبيعية لكل ظالم، وأنه خسر الدنيا والآخرة، تاركاً وراءه لعنات تطارده أبدالدهر
 

 

قبيلة الترابين تتبرأ: "نهاية صفحة سوداء"

 

في خطوة مهمة لقطع الطريق على أي فتنة عشائرية، أصدرت قبيلة الترابين بياناً حازماً تبرأت فيه من ياسر أبو شباب، واصفة مقتله بأنه "نهاية صفحة سوداء" لا تعبر عن تاريخ القبيلة المشرف. هذا الموقف العشائري المسؤول يؤكد أن الخيانة في غزة "عمل فردي" منبوذ، وأن العشائر الفلسطينية تظل الحاضنة الأولى للمقاومة، وترفض أن يكون أبناؤها غطاءً لتجار الفتن أو أدوات في يد الاحتلال .

 

 

رسائل الردع: لا أمان لمن يراهن على الاحتلال

 

الباحث في الشؤون العسكرية محمود جمال، والإعلامي سامي كمال الدين، اتفقا على أن العملية تحمل رسالة ردع استراتيجية: لا أمان لمن يظن أن الاحتلال سيحميه. أبو شباب، الذي قاد عصابات لنهب المساعدات وإراقة دماء الأبرياء تحت الراية الإسرائيلية، تُرك وحيداً لمصيره حين انتهى دوره، وتخلى عنه نتنياهو كما يتخلى عن أي أداة مستهلكة. هذه "النهاية التراجيدية" يجب أن تكون درساً لكل من يفكر في السير على نفس الدرب المظلم

 

 

 

غزة تلفظ الخبث وتنتصر

 

مقتل ياسر أبو شباب ليس مجرد حدث أمني عابر، بل هو "انتصار للوعي" وللإرادة الفلسطينية. إنه تأكيد على أن غزة، رغم الجوع والدمار، لا تزال تملك "مناعة وطنية" قوية تلفظ بها كل جسم غريب يحاول اختراقها. الاحتفالات في غزة ولبنان هي رسالة بأن الشعب الفلسطيني موحد خلف مقاومته، وأن "الخيانة" مهما تجملت أو تسلحت، ستظل عارية أمام حكم الشعب وعدالة السماء.