يشهد قطاع غزة منذ فجر الجمعة تصعيداً عسكرياً غير مسبوق، وسط استمرار القصف الجوي والمدفعي وعمليات النسف الإسرائيلية على امتداد مناطق واسعة من القطاع، في وقت تتحدث فيه واشنطن عن قرب الانتقال إلى ما تسميه “المرحلة الثانية” من اتفاق وقف إطلاق النار، رغم تسجيل مئات الخروقات منذ بدء سريانه في العاشر من أكتوبر الماضي.

 

قصف مكثف على محاور غزة وخان يونس ورفح

 

تجددت الهجمات الإسرائيلية على عدة مناطق في غزة عبر قصف مدفعي وجوي عنيف، تزامن مع إطلاق نار من المروحيات والآليات العسكرية المنتشرة في الخطوط الشرقية.

 

وأفاد مراسلون ميدانيون بأن المناطق الشمالية الشرقية من خان يونس كانت تحت كثافة نارية شديدة، شملت قصفاً مدفعياً متواصلاً وإطلاق نار كثيف داخل ما يسمى بالخط الأصفر. كما تعرض حي التفاح شرقي غزة لسلسلة غارات، في حين طاولت ضرباتٌ أخرى مناطق في رفح وشرق مخيم المغازي وسط القطاع.

 

وامتد التصعيد إلى البحر، حيث أطلقت الزوارق الحربية النار قبالة شواطئ خان يونس، فيما نفذ جيش الاحتلال “حزاماً نارياً” واسعاً في رفح منذ ساعات الصباح، رافقه نسف متكرر لمبانٍ سكنية.

 

خروقات متواصلة لاتفاق وقف النار

 

بحسب المعطيات الرسمية، سجلت أكثر من 500 خرق إسرائيلي لاتفاق وقف إطلاق النار منذ دخوله حيز التنفيذ. وتؤكد مصادر فلسطينية أن إسرائيل تشن هجمات يومية بذريعة “تعرض جنودها لهجمات”، بينما تقول وزارة الصحة الفلسطينية إن أكثر من 350 فلسطينياً قُتلوا منذ بدء التهدئة المؤقتة.

 

سقوط شهيدة وتصاعد الاستهداف في الخط الأصفر

 

استشهدت امرأة فلسطينية جراء إطلاق نار من قوات الاحتلال خارج الخط الأصفر في حي التفاح، فيما نُقل عدد من المصابين إلى المستشفى المعمداني. وشهدت مناطق الخط الأصفر شرق القطاع عمليات قصف ونسف متتابعة، شملت مباني سكنية في حي الشجاعية.

 

تحركات سياسية: واشنطن تدفع نحو "المرحلة الثانية"

 

في سياق سياسي مواكب للتصعيد، كشف موقع "أكسيوس" الأميركي أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يستعد للإعلان عن الانتقال إلى “المرحلة الثانية” من عملية السلام في غزة قبل عيد الميلاد.

 

ويتوقع عقد لقاء مرتقب بين ترامب ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذا الشهر لبحث شكل الإدارة المقترحة لغزة، في وقت تعمل فيه واشنطن والوسطاء على إعادة صياغة الهيكل الحاكم للقطاع عبر “مجلس سلام” يترأسه ترامب، وفق ما نقلته مصادر أميركية للموقع.

 

أزمة نفايات تهدد حياة 2.2 مليون فلسطيني

 

أعلنت بلدية غزة تقليص خدمات جمع النفايات بسبب نفاد الوقود، محذرة من “كارثة صحية وبيئية”. وتقول البلدية إن:

 

  • 350 ألف متر مكعب من النفايات تراكمت داخل المدينة.
  • عدد كبير من الآليات سيتوقف عن العمل خلال ساعات.
  • طواقم البلدية ممنوعة من الوصول إلى مكب جحر الديك.
  • انتشار القوارض والحشرات بدأ يهدد حياة السكان، خاصة الأطفال وكبار السن.

 

وتتهم مؤسسات فلسطينية الاحتلال بعرقلة تنفيذ بنود وقف الحرب، إذ لا يتجاوز متوسط الشاحنات الواصلة للقطاع 170 شاحنة يومياً، رغم أن الاتفاق ينص على دخول 600 شاحنة.

 

انهيار بنية الصرف الصحي: شوارع تتحول إلى مستنقعات

 

مع تدمير أكثر من ثلث شبكة الصرف الصحي في غزة، يعيش السكان فوق بحيرات من المياه العادمة التي تختلط بالأنقاض والنفايات.

 

بلدية غزة أكدت أن:

 

  • 185 ألف متر طولي من الشبكات دُمرت.
  • 8 محطات ضخ تعرضت للتدمير الكامل أو الجزئي.
  • 133 آلية بلدية خرجت عن الخدمة.
  • إمكانية إصلاح القطاع تحتاج 3 إلى 4 أشهر بشرط دخول معدات الصيانة.

 

السكان وصفوا الوضع بأنه “لا يُحتمل”، حيث تتحول الشوارع إلى مستنقعات ملوثة مع هطول الأمطار، ما ينذر بتفشي أمراض خطيرة.

 

حصيلة عامين من الإبادة: أرقام صادمة

 

منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى اليوم، خلّفت الحرب:

 

  • أكثر من 240 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء.
  • أكثر من 11 ألف مفقود تحت الأنقاض.
  • مجاعة أزهقت أرواح آلاف الأطفال.
  • دمار شامل طال معظم مدن القطاع.

 

صورة شاملة للوضع: تصعيد على الأرض… وانهيار تحتها

 

بينما تتسارع التحركات السياسية على طاولة واشنطن وتل أبيب، تتداعى البنية التحتية للقطاع تحت وطأة القصف والحصار. مخاطر الأوبئة تتسع، ومرافق الصرف الصحي والمياه والنفايات تنهار واحدة تلو الأخرى، في وقت لا يزال فيه وقف إطلاق النار مجرد عنوان لا يطبّق على الأرض.