بعد قمة السلام وخطة ترامب ذات العشرين نقطة في أكتوبر الماضي، أعلنت مصر نيتها عقد مؤتمر جديد في نوفمبر لجمع الدول والمانحين للبدء في المرحلة التالية من الخطة: إعادة إعمار غزة. لكن الشهر مرّ دون انعقاد المؤتمر، وفقًا لـ تسفي برئيل
في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.
هذا الأسبوع كشف وزير الخارجية بحكومة الانقلاب بدر عبد العاطي عن بدء مشاورات مكثفة مع واشنطن لتشكيل “لجنة إعادة الإعمار والتعافي” خلال الشهر الجاري، على أمل أن يشارك في قيادتها السيسي وترامب.
إعمار غزة… خطوة مفتاح لإثبات فعالية خطة ترامب
كما يرى كثيرون أن انطلاق عملية الإعمار ضرورية لإظهار جدية الخطة الأمريكية، ولتثبيت سلطة مدنية في غزة تمنع حماس من العودة للسيطرة. وتشير تجارب مصر السابقة في 2009 و2014 وما بعدها، إلى أن القاهرة أصبحت لاعبًا أساسيًا في مؤتمرات الإعمار، رغم ضعف التزام الدول المانحة بتنفيذ تعهداتها.
إعادة الإعمار.. مصلحة استراتيجية مصرية
من وجهة نظر القاهرة، تأهيل القطاع ليس مجرد عمل إنساني، بل ضرورة أمن قومي، تخشى مصر من انفلاته إذا انهار الوضع الداخلي في غزة. ويعكس غضبها من فتح إسرائيل لمعبر رفح بشكل أحادي هذا القلق المستمر. كما تعتبر مصر أن دورها المركزي في صفقة الرهائن يمنحها موقعًا مؤثرًا في صياغة مستقبل القطاع سياسيًا واقتصاديًا.
القاهرة بين رغبة القيادة.. وتردد المشاركة المباشرة
رغم توقعات بأن السعودية والإمارات وقطر ستكون الممول الأكبر للإعمار، إلا أن مصر ترغب في لعب دور الوصي السياسي دون تحمل مسؤولية الإدارة المباشرة للقطاع. “الخطة المصرية” التي عُرضت سابقًا تتجنب أي التزام عسكري، وتكتفي بتدريب الشرطة الفلسطينية وتهيئة الأرض لإعمار يبقي السكان في أماكنهم.
توتر سياسي بين القاهرة وواشنطن وتناغم محدود مع ترامب
لا تزال العلاقات المصرية–الأمريكية متوترة منذ أن رفض السيسي زيارة واشنطن بسبب طرح خطة تهجير سكان غزة. ورغم ارتياح القاهرة لموقف ترامب الأقل تشددًا من ملف حقوق الإنسان، إلا أن الخلافات حول سوريا والرئيس أحمد الشرع فتحت بابًا جديدًا للتوتر.
سوريا.. باب خلاف جديد يربك التحالفات الإقليمية
استقبال السيسي للشرع في القاهرة قابلته تصريحات ساخرة من الأخير تجاه مصر، ما أثار انتقادات إعلامية مصرية. ويأتي هذا الخلاف في وقت تدعم فيه السعودية والإمارات وقطر وتركيا النظام السوري الجديد، وهي دول تقدم لمصر مساعدات واستثمارات حيوية بالمليارات.
حلفاء داعمون.. ومصادر قلق في الوقت نفسه
السياسات التركية في غزة، ودعم الإمارات لسد النهضة والمليشيات في السودان، وانخراط قطر في مشروعات إعادة الإعمار—كلها عوامل تجعل القاهرة حذرة في التعامل مع شركائها رغم اعتمادها الاقتصادي عليهم. وتخشى مصر أن يُنتقص من نفوذها في القطاع إذا توسعت هذه الدول في أدوار موازية.
مشروع إعمار بلا ضمانات.. وقطاع ممزق
حتى الآن، لا تبدو خطة الإعمار محصنة. فلا توجد قوة متعددة الجنسيات، ولا هيكل إدارة مدنية فلسطينية واضح، ولا ميزانية مؤكدة للمشروعات. وعلى الأرض، ينقسم قطاع غزة بين سيطرة إسرائيل في الشرق وحماس في الغرب، بينما تتواصل الحرب في رفح.
مجهودات خلف الكواليس.. وأسئلة بلا إجابات
رغم حديث مصادر مصرية عن “حراك غير معلن” لاستكمال الخطة، إلا أن الأسئلة الأساسية ما زالت بلا إجابة:
- من سيحضر المؤتمر؟
- ما حجم التمويل المتوقع؟
- من يحدد الأولويات؟
- ومن سينفذ المشروعات؟
وبينما تترقب القاهرة، تبقى الكلمة الأخيرة في يد جهة واحدة: الرئيس ترامب، الذي لا تضمن مصر أن تكون رؤيتها على رأس أولوياته.

