في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، تتجدد المطالبات بكشف مصير مئات المواطنين المختفين قسرًا، وتبرز من بينها قضية المواطن رضا محمد أحمد محمد عيسوي، الشهير بـ"عاطف العيسوي"، من محافظة الشرقية، الذي لا يزال مصيره مجهولًا منذ أكثر من ثماني سنوات، في واحدة من القضايا الإنسانية التي تعكس حجم المعاناة الممتدة للأسر في ظل غياب الحقيقة والمساءلة.
لحظة الاختفاء
تعود فصول القضية إلى يوم 27 ديسمبر 2017، حين غادر رضا محمد أحمد محمد عيسوي منزله الكائن بقرية المشاعلة التابعة لمركز أبو كبير بمحافظة الشرقية، مستقلًا دراجته النارية. لم يكن في تلك اللحظة ما يشير إلى أن هذا الخروج سيكون الأخير، قبل أن ينقطع الاتصال به بشكل كامل في اليوم نفسه، ويُغلق هاتفه المحمول دون أي تفسير.
ومنذ تلك اللحظة، دخلت الأسرة في دوامة من القلق والترقّب، دون أن تتلقى أي إخطار رسمي أو غير رسمي بشأن مكان احتجازه أو الجهة المسؤولة عنه أو حتى ما إذا كان لا يزال على قيد الحياة.
مساعٍ قانونية بلا نتائج
لم تقف الأسرة مكتوفة الأيدي أمام هذا الغياب المفاجئ، حيث بادرت بتحرير محاضر رسمية لدى الجهات المختصة، كما أرسلت عددًا من التلغرافات والبلاغات إلى مختلف المؤسسات المعنية، في محاولة يائسة للعثور على خيط يقود إلى الحقيقة. إلا أن جميع تلك المساعي لم تُفضِ إلى أي رد واضح أو معلومة مؤكدة، ليبقى الملف مفتوحًا بلا إجابة حتى اليوم.
هذا الصمت الرسمي الممتد لسنوات طويلة يُعد، وفق منظمات حقوقية، أحد أبرز ملامح جريمة الاختفاء القسري، التي لا تقتصر آثارها على الضحية وحده، بل تمتد لتطال أسرته ومحيطه الاجتماعي بأكمله.
معاناة إنسانية مستمرة
غياب رضا لم يكن مجرد رقم يُضاف إلى قوائم المختفين، بل خلّف مأساة إنسانية قاسية داخل أسرته. خمسة أطفال كبروا وهم محرومون من وجود والدهم، وأم مسنّة تعيش على أمل سماع خبر يبدد سنوات الانتظار القاتل. بين كل يوم وآخر، يتجدد السؤال ذاته داخل البيت: أين رضا؟ ولماذا هذا الغياب الطويل؟
وتؤكد أسر مختفين قسرًا أن المعاناة النفسية الناتجة عن عدم معرفة المصير تفوق أحيانًا وقع الخبر المؤلم ذاته، لأن الغموض المستمر يحرمهم من القدرة على الحداد أو الأمل الواضح في آن واحد.
بصيص أمل رغم الألم
ورغم قسوة المشهد، شهدت الفترة الأخيرة ظهور بعض المختفين قسرًا بعد سنوات طويلة من الغياب، سواء عبر العرض على جهات قضائية أو الإفراج عنهم، وهو ما أعاد الأمل لعدد من الأسر، وأكد أن الاستمرار في تسليط الضوء الإعلامي والحقوقي على هذه القضايا قد يكون الوسيلة الوحيدة لكسر جدار الصمت وكشف الحقيقة.
من هذا المنطلق، تتواصل المطالبات بإبقاء قضية عاطف العيسوي حاضرة في الذاكرة العامة، وعدم السماح بمرور الزمن كأداة لطمس الحقيقة أو إسقاط الحق.
جريمة لا تسقط بالتقادم
تشدد منظمات حقوق الإنسان على أن الاختفاء القسري جريمة جسيمة بموجب القانون الدولي، وأن الحق في معرفة مصير المختفي لا يسقط بالتقادم، كما أن واجب الدولة يظل قائمًا في الكشف عن الحقيقة ومحاسبة المسؤولين وضمان جبر الضرر للضحايا وذويهم.

