شنّت قوات الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الجمعة 19 ديسمبر 2025، هجومًا عسكريًا واسع النطاق على مناطق متفرقة في قطاع غزة، في خرق صارخ جديد لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي. استهدف القصف الجوي والمدفعي المكثف بشكل رئيسي المناطق الشرقية من مدينة خان يونس جنوبي القطاع، بالتزامن مع إطلاق نار من الزوارق الحربية الإسرائيلية تجاه سواحل المدينة، ما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى فلسطينيين.

 

وتأتي هذه الهجمات ضمن سلسلة متواصلة من الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، حيث أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن الخروقات الإسرائيلية منذ بدء سريان الاتفاق أسفرت عن استشهاد نحو 395 فلسطينيًا وإصابة 1088 آخرين، في ظل صمت دولي يثير تساؤلات حول جدوى الاتفاقيات والمواثيق الدولية في حماية المدنيين الفلسطينيين.

 

قصف مكثف يستهدف مناطق آمنة ومدنيين عُزل

 

استهدف القصف الإسرائيلي صباح اليوم المناطق الشرقية من مدينة خان يونس، إضافة إلى منطقة بني سهيلا الواقعة ضمن ما يُعرف بـ"الخط الأصفر"، وهي مناطق كان من المفترض أن تنسحب منها قوات الاحتلال بموجب اتفاق وقف إطلاق النار. وأكد مراسل الجزيرة أن القصف تركز على مناطق مدنية، في حين أفادت قناة الأقصى الفضائية بأن القصف المدفعي أسفر عن استشهاد 3 فلسطينيين بينهم سيدة، إضافة إلى وقوع إصابات لم تُحدد حصيلتها النهائية بعد.

 

لم يقتصر العدوان الإسرائيلي على القصف البري والجوي، بل امتد ليشمل البحر، حيث أطلقت الزوارق الحربية الإسرائيلية النار بكثافة تجاه مراكب الصيادين في بحر خان يونس، ما أجبرهم على مغادرة المنطقة فورًا خشية الاستهداف المباشر. هذا الاستهداف للصيادين يمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الفلسطينيين في كسب رزقهم، ويعكس سياسة ممنهجة لخنق مصادر العيش في القطاع المحاصر منذ سنوات.

 

وفي تصعيد موازٍ، شنّت طائرات الاحتلال الإسرائيلي غارة جوية على مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، بالتزامن مع غارة أخرى استهدفت حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، حيث شوهدت أعمدة دخان كثيفة تتصاعد من مواقع القصف. وتؤكد هذه الهجمات المتزامنة على مناطق متفرقة في القطاع أن العدوان الإسرائيلي ليس محدودًا جغرافيًا، بل يشمل كافة مناطق غزة دون تمييز بين المدنيين والمقاتلين.

 

حصيلة مروعة للخروقات الإسرائيلية المتواصلة

 

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي خرق اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في 10 أكتوبر الماضي بشكل يومي وممنهج، من خلال استهداف مناطق مدنية وإطلاق النار على الفلسطينيين في مختلف أنحاء قطاع غزة. وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، أمس الخميس، أن الخروقات الإسرائيلية منذ بدء سريان الاتفاق أسفرت عن استشهاد نحو 395 فلسطينيًا وإصابة 1088 آخرين بجراح متفاوتة، وهي أرقام تعكس حجم الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها السكان المدنيون.

 

وأكدت الوزارة أن حصيلة العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 7 أكتوبر 2023 بلغت حتى الآن 70,669 شهيدًا و171,165 مصابًا، معظمهم من الأطفال والنساء. هذه الأرقام المروعة تكشف عن حرب إبادة جماعية ممنهجة استمرت أكثر من عامين، أدت إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة في قطاع غزة، حيث تحولت المنطقة إلى منطقة منكوبة تفتقر لأبسط مقومات الحياة الآمنة.

 

دمار شامل وكارثة إنسانية متفاقمة

 

إلى جانب الخسائر البشرية الفادحة، خلّفت حرب الإبادة الجماعية دمارًا هائلًا طال نحو 90% من البنية التحتية في قطاع غزة، شاملًا المنازل والمستشفيات والمدارس والطرق وشبكات المياه والكهرباء. هذا الدمار المنهجي لا يستهدف فقط الحاضر الفلسطيني، بل يسعى لتدمير أي إمكانية لمستقبل طبيعي للأجيال القادمة في القطاع.

 

قدّرت الأمم المتحدة كلفة إعادة الإعمار في قطاع غزة بنحو 70 مليار دولار، وهو رقم فلكي يعكس حجم الدمار الشامل الذي لحق بالقطاع. غير أن التحدي الأكبر لا يكمن فقط في توفير التمويل اللازم، بل في استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة ومنع إدخال مواد البناء والمساعدات الأساسية، ما يجعل عملية الإعمار شبه مستحيلة في ظل الظروف الراهنة.

 

ويعيش سكان قطاع غزة اليوم في ظروف كارثية، حيث يواجهون نقصًا حادًا في الغذاء والماء والدواء والكهرباء، في ظل استمرار القصف الإسرائيلي المتواصل وانعدام الأمان. ويتساءل المراقبون عن جدوى اتفاقات وقف إطلاق النار التي لا يحترمها الاحتلال، وعن دور المجتمع الدولي في حماية المدنيين الفلسطينيين من هذه الانتهاكات الجسيمة المستمرة.