في الآونة الأخيرة، شهدت مصر ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار السيارات على الرغم من استقرار سعر الدولار أمام الجنيه المصري. هذا الارتفاع أثار تساؤلات كثيرة حول الأسباب الحقيقية وراء هذه الظاهرة، حيث تركزت الأنظار على العلاقة المتوترة بين التجار والسلطات الحكومية كعامل رئيسي في تفاقم هذه الأزمة.
تعود جذور الصراع بين التجار والسلطات إلى سلسلة من القرارات الحكومية التي تهدف إلى تنظيم السوق وضبط الأسعار. من بين هذه القرارات، فرض قيود صارمة على استيراد السيارات وزيادة الرسوم الجمركية والضرائب، بهدف حماية الصناعة المحلية والحد من خروج العملة الصعبة. ولكن، على الجانب الآخر، يرى التجار أن هذه القرارات أثرت سلبًا على حركة السوق وزادت من تكاليف الاستيراد، مما أجبرهم على رفع الأسعار لتعويض الخسائر.

تداعيات الصراع على السوق
نتيجة لهذا الصراع، أصبحت سوق السيارات في مصر تشهد حالة من عدم الاستقرار. فالتجار، الذين يواجهون صعوبات متزايدة في تأمين السيارات من الخارج، يجدون أنفسهم مضطرين إلى رفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، وذلك لتعويض التكاليف الإضافية الناتجة عن الرسوم الجمركية والضرائب المرتفعة. من ناحية أخرى، أدى تقليص الكميات المستوردة إلى زيادة الطلب على السيارات المحلية، مما ساهم أيضًا في ارتفاع أسعارها.
من جانبها، تؤكد الحكومة أن الإجراءات التي اتخذتها تهدف إلى حماية الاقتصاد الوطني وتعزيز الإنتاج المحلي. كما تشير إلى أن استقرار سعر الدولار يجب أن يساهم في استقرار الأسعار، وليس العكس. لكن على أرض الواقع، يبدو أن هذه الإجراءات لم تؤتِ ثمارها كما كان متوقعًا، حيث يشتكي المواطنون من الارتفاع المستمر في الأسعار والذي بات يفوق قدراتهم الشرائية.
الضحية الأولى لهذا الصراع هي المستهلكين، الذين يجدون أنفسهم في مأزق حقيقي عند محاولة شراء سيارة. فقد أصبحت الأسعار غير متناسبة مع الدخل المتوسط، مما جعل امتلاك سيارة جديدة حلمًا بعيد المنال للكثيرين. كما أن السوق السوداء بدأت تنتعش نتيجة الفجوة بين العرض والطلب، مما يزيد من تعقيد الأمور.
وفي تصريحات أمس، قال الأمين العام لرابطة مصنعي السيارات في مصر، خالد سعد، إن هناك سببين لزيادة أسعار السيارات، أولهما الطلب المتزايد على أنواع سيارات محددة والذي يدفع الأسعار للزيادة بشكل كبير في السوق المحلية.
وذكر مسؤولون برابطة تجار السيارات، أن الرابطة خلال اليومين الماضيين ناشدت الحكومة المصرية ممثلة في وزارة المالية ومصلحة الجمارك لسرعة النظر في أزمة مستوردي سيارات ذوي الهمم، وخاصة بعد تفاقم أعباء رسوم الأرضيات وغرامات التأخير في الموانئ المصرية.
وأوضح "أبو المجد"، أن بعض الأصحاء يشترون خطابات سيارات ذوي الهمم، حيث تُعفى هذه السيارات تمامًا من الجمارك مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 50 و70 ألف جنيه، ما يتسبب في هدر العديد من موارد وجمارك مستحقة للدولة تصل في بعض أنواع السيارات إلى 5 ملايين و8 ملايين جنيه.
ولفت إلى أن بعض الأشخاص يستغلون حاجة ذوي الهمم للمال ويشترون خطابات سيارات ذوي الاحتياجات الخاصة المعفاة من الجمارك، مؤكدًا أن رئيس مجلس الوزراء قرر تشكيل لجان تجوب محافظات مصر، للتأكد من حصول ذوي الهمم على سياراتهم دون غيرهم من الأصحاء.

ختاما ؛ يبدو أن الصراع بين التجار والسلطات في مصر هو أحد الأسباب الرئيسية وراء ارتفاع أسعار السيارات. وعلى الرغم من أن استقرار سعر الدولار كان من المفترض أن يسهم في استقرار الأسعار، إلا أن هذا الصراع أضاف أعباء جديدة على السوق والمستهلكين. يتطلب حل هذه الأزمة مراجعة شاملة للسياسات الحكومية المتعلقة بالاستيراد والجمارك، بالإضافة إلى تعزيز الحوار بين الحكومة والتجار للوصول إلى حلول وسطى تضمن استقرار السوق وتحقيق العدالة للمستهلكين.