تواجه صناعة المقاولات في مصر أزمة خانقة في ظل السياسات الاقتصادية التي ينتهجها نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي. يعتبر قطاع المقاولات من القطاعات الحيوية في الاقتصاد المصري، حيث يلعب دورًا رئيسيًا في نمو البنية التحتية وتوفير فرص العمل. ومع ذلك، فإن سياسات النظام الحالية تتسبب في اختلالات كبيرة في هذا القطاع، مما يؤدي إلى ارتفاع مستمر في أسعار المواد الأساسية مثل الحديد والإسمنت، والتي تشكل عصب الصناعة.
السياسات الاقتصادية وأثرها على قطاع المقاولات
منذ تولي السيسي السلطة، اعتمدت الحكومة المصرية على سلسلة من السياسات الاقتصادية التي كان لها تأثير سلبي على قطاع المقاولات. من أبرز هذه السياسات هي سياسات التوسع العمراني والمشروعات الكبرى التي يتم تنفيذها بواسطة شركات مقاولات كبيرة غالبًا ما تكون مملوكة للدولة أو مقربة من النظام الحاكم. هذا التوجه أدى إلى تهميش شركات المقاولات الصغيرة والمتوسطة، التي تعاني الآن من عدم القدرة على المنافسة في ظل السياسات التي تركز على الشركات الكبرى.
كما أن التهديدات التي تتعرض لها شركات المقاولات بسبب تضييق الأفق أمامها وإجراءات التعقيد البيروقراطية تؤثر سلبًا على قدرة هذه الشركات على الاستمرار في العمل. إضافة إلى ذلك، فإن التوسع غير المنظم في المشروعات الحكومية يزيد من الضغط على السوق ويؤدي إلى نقص في الموارد الأساسية.
ارتفاع أسعار الحديد والإسمنت
الحديد والإسمنت هما مادتان أساسيتان في صناعة المقاولات. وقد شهدت أسعار هاتين المادتين ارتفاعًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، مما تسبب في أزمة كبيرة للقطاع. يأتي هذا الارتفاع نتيجة لعدة عوامل، منها ارتفاع تكاليف الإنتاج والتوريد، وتراجع الإنتاج المحلي، والتقلبات في السوق العالمية.
أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع أسعار الحديد والإسمنت هو الزيادة في تكلفة الطاقة، حيث تعتمد صناعة الحديد والإسمنت بشكل كبير على الطاقة لتشغيل المصانع. مع ارتفاع أسعار الطاقة، تزداد تكلفة الإنتاج، مما ينعكس بدوره على الأسعار النهائية للمواد. إضافة إلى ذلك، فإن تراجع الإنتاج المحلي بسبب عدم تحديث المصانع وبنيتها التحتية يساهم أيضًا في نقص المعروض وارتفاع الأسعار.
تأثير الأزمة على قطاع المقاولات
تنعكس أزمة ارتفاع أسعار الحديد والإسمنت بشكل مباشر على قطاع المقاولات. إذ تتزايد تكلفة المشروعات الإنشائية بشكل ملحوظ، مما يؤدي إلى زيادة التكاليف النهائية للمشروعات. هذا يضع الشركات المقاولات الصغيرة والمتوسطة في موقف صعب، حيث تجد نفسها غير قادرة على المنافسة في سوق يشهد تزايدًا في التكاليف.
كما أن أزمة الأسعار تؤدي إلى تأخير تنفيذ المشروعات، حيث تسعى الشركات لتخفيض التكاليف والبحث عن حلول بديلة. هذا التأخير يمكن أن يؤثر على جدوى المشروعات ويؤدي إلى تجاوز الميزانيات المقررة.
على الرغم من الأزمة العميقة التي يواجهها قطاع المقاولات، فإن الاستجابة الحكومية لم تكن كافية للتعامل مع هذه الأزمة. التوجه الحكومي يركز بشكل أكبر على تنفيذ مشروعات ضخمة بدلاً من دعم القطاع ومساعدته في تجاوز الأزمات التي يواجهها. لم يتم تقديم دعم مباشر للشركات الصغيرة والمتوسطة لمساعدتها في مواجهة ارتفاع التكاليف، مما يزيد من تعقيد المشكلة.
ختاما ؛ يواجه قطاع المقاولات في مصر أزمة خطيرة نتيجة للسياسات الاقتصادية الحالية التي ينتهجها نظام السيسي، والتي تسببت في ارتفاع مستمر في أسعار الحديد والإسمنت، وهي المواد الأساسية في الصناعة. يتطلب الأمر اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة هذه الأزمات وتقديم دعم مناسب للقطاع لضمان استمراريته ونموه. بدون خطوات حاسمة لمعالجة هذه القضايا، سيستمر القطاع في مواجهة تحديات كبيرة قد تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الوطني وفرص العمل في المستقبل.