تشير الإحصاءات الأخيرة إلى أن المملكة العربية السعودية قد سجلت رقماً قياسياً في عدد الإعدامات لعام 2023، حيث أعدمت 198 شخصاً منذ بداية العام. هذا الرقم يمثل أكبر عدد من الإعدامات تم تنفيذها في عام واحد منذ أكثر من ثلاثين عاماً،

وكالة “فرانس برس” التي اعتمدت على بيانات رسمية أفادت أن هذه الأرقام تجعل السعودية في المرتبة الثالثة عالميًا من حيث عدد الإعدامات بعد الصين وإيران، مما يسلط الضوء على دموية بن سلمان وسياسة القمع التي تنتهجها المملكة.

بن سلمان الذي بدأ عهده بسلسلة اعتقالات طالت كل فئات الشعب من مفكرين وعلماء وأكاديميين وعسكريين رسخ للقمع والقتل خاصة بعد إرساله فرقة الموت لقتل الصحفي جمال خاشقجي والآن يرسخ لتلك الفكرة الدموية من جديد.

تزايد الإعدامات بعهد ولي العهد
في يوم السبت الماضي، أعلنت وكالة الأنباء السعودية الرسمية “واس” عن تنفيذ حكم الإعدام بحق ثلاثة أشخاص، مما رفع إجمالي عدد الإعدامات إلى 198 حالة، ويأتي هذا العدد ليزيد عن 196 إعداماً تم تسجيلها في العام 2022، كما أنه أعلى من الرقم المسجل في عام 1995، الذي بلغ 192 إعدامًا، وفقًا لما ذكرته منظمة العفو الدولية. 

المنظمة بدأت توثيق أحكام الإعدامات في السعودية منذ عام 1990، وتعد من أبرز الجهات التي ترصد وتنتقد تلك الأحكام في السعودية، مشيرة إلى أن الزيادة في عدد الإعدامات تأتي في وقت تواجه فيه السعودية انتقادات دولية متزايدة لاستخدامها المفرط لعقوبة الإعدام، خاصة من قبل منظمات حقوق الإنسان التي ترى في تلك الممارسات عائقًا أمام جهود المملكة لتلميع صورتها عالميًا.

هذه الجهود، التي تأتي ضمن “رؤية 2030” التي دشنها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تهدف إلى إحداث تغييرات اقتصادية واجتماعية كبيرة في البلاد، غير أن منظمات مثل منظمة العفو الدولية والمنظمة الأوروبية-السعودية لحقوق الإنسان ترى أن تنفيذ هذا العدد الكبير من الإعدامات يتناقض مع الصورة التي تحاول السعودية ترويجها عن نفسها كدولة تنفذ إصلاحات.


طبيعة الجرائم وزيادة الانتقادات
الإعدامات التي نُفذت خلال العام 2023 شملت مجموعة متنوعة من الجرائم، حيث تم إعدام 52 شخصًا بتهم مرتبطة بتهريب المخدرات، و32 شخصًا في قضايا تتعلق بالإرهاب.

يُشار إلى أن المملكة السعودية قد استأنفت في نهاية العام 2022 تنفيذ أحكام الإعدام في قضايا تتعلق بجرائم المخدرات، بعد توقف دام نحو ثلاث سنوات في شهر مايو من عام 2023، نفذت السعودية حكم الإعدام بحق 52 شخصًا في قضايا تهريب المخدرات، وهو رقم مرتفع مقارنةً بشخصين فقط تم إعدامهما في قضايا مشابهة في عام 2022.

هذا الاستئناف لتنفيذ العقوبة في هذه القضايا أثار موجة جديدة من الانتقادات من قبل منظمات حقوق الإنسان، التي ترى أن استخدام عقوبة الإعدام في قضايا المخدرات يمثل تجاوزًا للقوانين الدولية التي تدعو إلى إلغاء هذه العقوبة أو استخدامها في أضيق الحدود.

في عام 2019، نفذت السعودية 187 حكمًا بالإعدام، وفي العام التالي انخفض العدد إلى 170، لكن العام 2023 شهد ارتفاعًا ملحوظًا في عدد حالات الإعدام، ما يشير إلى استمرار السلطات السعودية في انتهاج سياسات عقابية صارمة، على الرغم من الانتقادات الدولية المتزايدة.


استمرار السياسات العقابية 

على الرغم من الانتقادات الموجهة للسعودية بشأن ارتفاع عدد الإعدامات، فإن السلطات السعودية تبدو ماضية في تنفيذ أحكام الإعدام كجزء من سياساتها العقابية. وفقًا لتقارير منظمة “ريبريف” والمنظمة الأوروبية-السعودية لحقوق الإنسان، فإن المملكة نفذت أكثر من ألف عملية إعدام منذ وصول الملك سلمان بن عبد العزيز إلى الحكم في عام 2015. 

من بين هذه الإعدامات، كانت هناك عملية إعدام جماعي لـ 81 شخصًا في يوم واحد في مارس 2022، وذلك بتهم تتعلق بالإرهاب.

هذه العملية كانت واحدة من أكبر عمليات الإعدام الجماعي في تاريخ السعودية، وأثارت إدانات واسعة من قبل الحكومات ومنظمات حقوق الإنسان حول العالم.

التناقض بين جهود السعودية لتطوير صورتها دوليًا كمركز اقتصادي واجتماعي متقدم وبين استمرارها في تنفيذ هذا العدد الكبير من الإعدامات يضع المملكة في موقف صعب على الساحة الدولية.

كما يثير أسئلة حول مدى تأثير هذه السياسات العقابية على العلاقات الدولية للمملكة، خاصة في ظل الانتقادات المستمرة من قبل الدول الغربية والمنظمات الدولية.