أثار قرار إدارة كلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان عن بيع موقع الكلية موجة من الغضب والاستياء بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس. القرار الذي يأتي في إطار سياسة حكومية مستمرة لتصفية الأصول الوطنية لصالح المستثمرين الأجانب، وخاصة الإماراتيين، يهدد بفقدان أحد أبرز معالم التعليم السياحي والفندقي في مصر. في هذا التقرير نستعرض تفاصيل القرار وردود الفعل، وكذلك الآثار المحتملة على التعليم والاقتصاد الوطني.

صدمة بيع الكلية للطلاب وأعضاء هيئة التدريس
تفاجأ طلاب كلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان يوم الجمعة بخبر بيع موقع الكلية المميز على ضفاف النيل في منطقة المنيل، بهدف تحويله إلى سلسلة مطاعم ومقاهٍ فاخرة لصالح مستثمرين إماراتيين. ورغم أن الخبر بدأ كإشاعة تداولها الطلاب على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن الكلية أكدت صحته جزئياً في بيان رسمي نشرته على صفحتها الرسمية.

وجاء في البيان أن الكلية تلقت خطاباً رسمياً من إدارة مشروعات أراضي القوات المسلحة، يفيد بإلغاء وعدم تجديد عقود حق الانتفاع الخاصة بجميع أراضي النهر الممتدة من شبرا إلى حلوان، والتي تشمل أراضي مخصصة للكلية. وأوضحت الكلية أن القرار جاء بناءً على "توجيهات رئاسية عليا"، ما أثار مخاوف كبيرة بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس بشأن مستقبل الكلية وموقعها الحالي.

أهمية الموقع ودوره في التعليم السياحي
تتمتع كلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان بموقع استراتيجي على ضفاف النيل، ما يجعلها جزءاً لا يتجزأ من التجربة التعليمية التي تقدمها للطلاب. ويعتمد العديد من برامج الكلية على الموقع القريب من الفنادق الكبرى والمناطق السياحية، مما يسهم في توفير فرص تدريب عملي ميداني للطلاب. هذا التكامل بين البرامج النظرية والتطبيق العملي جعل من الموقع الحالي ركيزة أساسية لأهداف الكلية الأكاديمية.

وأكدت الكلية في بيانها أن النقل إلى موقع آخر سيؤدي إلى "فقدان الكلية موقعها الاستراتيجي الذي يخدم أهدافها الأكاديمية والتدريبية". وأوضحت أن تغيير الموقع سيتسبب في تراجع مستوى التكامل بين البرامج التعليمية والأنشطة العملية في المجالين السياحي والفندقي، مما سيؤثر سلباً على تجربة الطلاب.

الآثار السلبية على الطلاب وأعضاء هيئة التدريس
يعد تغيير موقع الكلية ضربة قوية للطلاب وأعضاء هيئة التدريس، حيث سيواجهون صعوبات كبيرة في التأقلم مع الموقع الجديد، الذي من المرجح أن يكون بعيدًا عن المناطق السياحية والفنادق. هذا سيؤثر بشكل كبير على جودة التعليم والتدريب العملي الذي يقدمه الموقع الحالي.

وأوضحت الكلية أن نقل المقر سيخلق تحديات لوجستية صعبة، مثل صعوبة الوصول إلى الموقع الجديد، وتأخر الطلاب عن الحصص الدراسية، وتراجع التواصل بين الكلية والجهات الفندقية والسياحية التي تعتمد عليها برامج التدريب العملي. كما سيؤدي القرار إلى تراجع مستوى الانسجام بين البرامج الأكاديمية والمجال المهني الذي يجب أن يتهيأ الطلاب للعمل فيه بعد التخرج.

تصفية الأصول التعليمية لصالح المستثمرين الأجانب
يأتي قرار بيع كلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان في سياق سياسة حكومية أوسع لبيع الأصول الوطنية، بما في ذلك الأراضي والمؤسسات التعليمية، لصالح المستثمرين الأجانب. هذه السياسة أثارت الكثير من الانتقادات، حيث يرى البعض أنها تأتي على حساب التعليم والمواطنين، وأنها تهدد بفقدان مصر لواحدة من أهم مؤسساتها التعليمية في مجال السياحة والفندقة.

العديد من المراقبين يعبرون عن قلقهم من أن هذه السياسة لا تهدف إلى تطوير الاقتصاد أو التعليم، بل إلى تحقيق مكاسب قصيرة الأجل على حساب الأجيال القادمة. بيع الأراضي التعليمية لصالح مشروعات استثمارية مثل المطاعم والمقاهي الفاخرة يعكس توجهاً نحو تهميش القطاعات الأساسية التي تسهم في بناء المجتمع وتطويره، مثل التعليم.

دور الإمارات في الاستحواذ على الأصول المصرية
بيع موقع كلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان يأتي في إطار موجة أوسع من استحواذ الإمارات على الأصول المصرية، وهي خطوة تثير العديد من التساؤلات حول مدى تأثير هذه الاستثمارات على السيادة الوطنية. يرى البعض أن الإمارات تستفيد من الوضع الاقتصادي المتدهور في مصر للحصول على أصول استراتيجية بأسعار منخفضة، مما يهدد بفقدان مصر للسيطرة على مواردها ومؤسساتها.

الاستحواذ الإماراتي على الأصول المصرية لم يعد مقتصراً على قطاعات مثل السياحة والعقارات، بل امتد إلى مؤسسات التعليم والصحة، مما يضع مستقبل هذه القطاعات الحيوية على المحك. في حالة كلية السياحة والفنادق، يخشى الكثيرون أن تؤدي هذه الصفقة إلى تراجع مستوى التعليم والتدريب المهني في مجال السياحة والفندقة، الذي يعد أحد القطاعات الرئيسية للاقتصاد المصري.
دعوات لإعادة النظر في القرار
في ظل هذا الجدل، دعت إدارة الكلية والطلاب وأعضاء هيئة التدريس الجهات المعنية إلى إعادة النظر في قرار بيع الكلية ونقل مقرها. وأكدت الكلية في بيانها أن الاستثمار الحقيقي في التعليم يجب أن يبدأ من "الحفاظ على المؤسسات القائمة وتطويرها، لا استبدالها". وأشارت إلى أن القرار لا يخدم المصلحة العامة ولا يعزز من قدرة مصر على المنافسة في مجالات مثل السياحة.

وأوضحت الكلية أن الحفاظ على موقعها الحالي وتطويره هو السبيل الأمثل لدعم الطلاب وتأهيلهم للعمل في القطاع السياحي والفندقي، الذي يعد أحد أهم القطاعات الاقتصادية في مصر. كما شددت على أهمية التنسيق بين الجهات الحكومية والمؤسسات التعليمية لضمان تحقيق أهداف التنمية المستدامة، دون التضحية بالموارد التعليمية والمؤسسات الوطنية.

خاتما؛ يمثل قرار بيع كلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان تحديًا جديدًا للقطاع التعليمي في مصر، في ظل سياسات مستمرة لتصفية الأصول الوطنية لصالح المستثمرين الأجانب. وبينما تسعى الحكومة لتحقيق مكاسب اقتصادية سريعة، تبرز مخاوف كبيرة من أن هذه السياسة قد تؤدي إلى تدمير مؤسسات تعليمية تاريخية وإضعاف قدرة مصر على تطوير قطاعات حيوية مثل السياحة.