إن أسباب الهَلَكَة قد تَداعت وكثُرت ومنها:
أولها: استحلال البيت الحرام:
إن الحديث صريح صحيح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ولن يَسْتَحِلَّ هذا البيتَ إلا أهلُهُ ، فإذا استحلُّوهُ ، فلا تسألْ عن هَلَكَةِ العربِ"
وقد فعلوا، فقد استحلوا البيت الحرام فأتوا بفَواسِق الأرض يَطُفنُ حوله عاريات، وقد اعتلَت إحداهن مُجَسَّم الكعبة عارية تتراقص فوقه.
فماذا بعد ذلك إلا الهَلَكَة التي تَوَعَدَنا بها رسول الله إذا اسْتُحِلَّ البيت؟!
ثانيها: كَثْرَة الخَبَث:
وما أكثر ذلك في مجتمعاتنا العربية والإسلامية!
يكفي أن تدير بصرك في الطرقات والنوادي وعلى الشواطئ وفي وسائل الإعلام ستجد ما تستحي منه النفوس السَّوِيَّة وما تعافُه الحيوانات.
ثالثها: الجهر بالفاحشة وبالمنكرات:
لقد أخذ الفُسَّاقُ يجهرون بفسقهم، وغصت وسائل التواصل بالصور الشخصية الفاجرة، وذاع العُهْر والعُرِي، ونشر الأزواج والزوجات صورا ومقاطع فيديو للعلاقات الحميمية بلا أدنى حياء، وبلا ذرة من الغَيْرة.
صارت القنوات الفضائية تبث سمومها في القلوب والعقول والنفوس دون رادع.
رابعها: تَرْك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
اسمع للنبي صلى الله عليه وسلم يُبَيِّن عاقبة ذلك قال: "ما من قوم يُعْمَل فيهم بالمعاصي ثم يقدرون على أن يُغَيِّروا ثم لا يُغَيِّروا إلا يُوشَك أن يَعُمَّهم اللهُ منه بعقاب"
وقد لَعَن الله اليهود بسبب تركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: {لُعِنَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۢ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُۥدَ وَعِیسَى ٱبۡنِ مَرۡیَمَۚ ذَ ٰلِكَ بِمَا عَصَوا۟ وَّكَانُوا۟ یَعۡتَدُونَ، كَانُوا۟ لَا یَتَنَاهَوۡنَ عَن مُّنكَرࣲ فَعَلُوهُۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُوا۟ یَفۡعَلُونَ} [المَائـِدَةِ]
خامسها: الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف:
وذلك مُنتَهَى الشر وغايته ، حيث لم يُكْتَفَ بترك فضيلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل صارت يُنْهَى عنها، ويُؤْمَر بضدها، وذلك هو الشر كله.
وتلك خَصْلَة المنافقين، قال تعالى: {ٱلۡمُنَـٰفِقُونَ وَٱلۡمُنَـٰفِقَـٰتُ بَعۡضُهُم مِّنۢ بَعۡضࣲۚ یَأۡمُرُونَ بِٱلۡمُنكَرِ وَیَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمَعۡرُوفِ وَیَقۡبِضُونَ أَیۡدِیَهُمۡۚ نَسُوا۟ ٱللَّهَ فَنَسِیَهُمۡۚ إِنَّ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ هُمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ} [التَّوۡبَةِ:٦٧]
سادسها: الخضوع الطواغيت والخنوع لهم:
لقد تَمَكَّنَ البُغاة الطُّغاة في بلاد المسلمين، وما تمكنوا إلا بخنوع الناس وخضوعهم لهم، واستسلامهم للظلم والبَغي، اسمع لأبي بكر الصديق رضي الله عنه يُبين سبب ما نحن فيه، قال: (أيُّها النَّاسُ إنَّكم تقرؤُون هذه الآيةَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} وإنِّي سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ : "إنَّ النَّاسَ إذا رأَوْا ظالمًا فلم يأخُذوا على يدَيْه أوشك أن يعُمَّهم اللهُ بعقابٍ"
أخذ الناس بظاهر الآية وأوَّلوها تأويلا بعيدا عن الصواب، فقعدوا عن دفع ظلم الظالمين، وتركوا الإنكار على البُغاة وخضعوا لهم وخنعوا، فَعَلَوْا في الأرض وبَغَوْا، واستبدوا وطَغَوْا.
سابعها وأخطرها: حصار غزة وخُذلانها
لولا الحصار الخانق القاتل الذي تضربه دول الطوق العربية (خاصة مصر والأردن) على غزة ما صبر عسكر يهود على حربهم غزة ولانهزموا هزيمة منكرة.
ولولا شُرْيان الغذاء الذي يَمُد دولة الاحتلال بالحياة المُمْتَد من بحر العرب العابر أربع دول عربية ما صبر يهود ولانهزموا شَرَّ هزيمة.
ولولا شُرْيان الغذاء الممتد من مَوانئ مصر إلى موانئ دولة الاحتلال لجاع بهود ولانهزموا شَرَّ هزيمة.
ولولا الدرع الواقي (جيشا مصر والأردن) الحارس القائم على حدود غزة لزالت يهود عن فلسطين.
بِمِلْءِ عيون العرب والمسلمين؛ يشاهدون؛ يتابعون المجازر والمذابح التي أقامها يهود في غزة وأهلها.
مِلْءَ العيون يرى العرب والمسلمون؛ يتابعون؛ يشاهدون قصف وتدمير غزة على رءوس أهلها
اليوم ٤٢٠ يوما قصف وقتل وتدمير في غزة وأهلها
أكثر من ٤٤ ألف شهيد
أكثر من عشرة آلاف تحت الأنقاض
أكثر من مئة ألف مصاب إصابات بالغة قطع أطراف وعجز نِصفي وعجز كُلِّي ومآسٍ تنشق لها القلوب السَّوِيَّة
مِلْءَ العيون يرى العرب ويشاهدون ويتابعون ولا يحركون ساكنا.
والله إني أخشى أن ينزل علينا سَخَط الله فلا يدَع منا أحدا بسبب ما يجري في غزة وخذلان العرب والمسلمين لغزة وأهلها.
ربنا لاتؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.
اللهم إنا نشكو إليك ضعفنا
ونشكو إليك البُغاة الذين على أكتافنا، ونشكو إليك هواننا، ونشكو إليك ذُلَّنا، ونشكو إليك أنفسنا؛ لا حول لنا ولا قوة، والحَوْلُ كله لك، والقوة قوتك أنت.
لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين
لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين
لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين
أنت حَسْبُنا ونعم الوكيل.