انتقلت صلاحية استيراد القمح والمنتجات الغذائية، رسميًا، من هيئة السلع التموينية إلى جهاز مستقبل مصر، التابع للقوات الجوية، بشكل حصري، بحسب خطاب من وزير التموين، شريف فاروق، إلى وزارة الزراعة الروسية، أكبر مورد قمح إلى مصر، وهو ما أحدث ضجة في سوق القمح خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وكانت مصر، وهي أحد أكبر مستوردي القمح في العالم، تعتمد على الهيئة العامة للسلع التموينية التابعة لوزارة التموين لشراء احتياجاتها من الحبوب، حيث يعتبر الخبز المدعوم سلعة أساسية لنحو 70 مليون شخص.
جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة
ووفقًا لـ"رويترز" فقد جاء في رسالة وزارة التموين إلى وزيرة الزراعة الروسية أوكسانا لوت، أنّ جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة التابع للقوات الجوية في الجيش المصري، أصبح "الجهاز الحكومي الأوحد الذي يتمتع بالصلاحيات الاستثنائية لتنظيم المناقصات الدولية والتعاقد بالأمر المباشر لشراء القمح والمنتجات الغذائية الأخرى لتلبية احتياجات مصر". وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تبسيط العمليات، لكنها أثارت مخاوف بين المتداولين حول العالم.
وانتعشت الشركات التي يملكها الجيش المصري في عهد قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، ما أثار قلق بعض رجال الأعمال والمستثمرين الأجانب. وقالت حكومة السيسي إنّ هذه الشركات تسدّ الفجوات الموجودة في السوق. وجاء في الرسالة: "ينفذ جهاز مستقبل مصر كل الصلاحيات التي نفذتها الهيئة العامة للسلع التموينية سابقاً".
وأضافت الوزارة أنها "تضمن أن جهاز مستقبل مصر لديه قدرات مالية لتنفيذ كل التزاماتها المالية تجاه الشركات الفائزة في المناقصات/التعاقد بالأمر المباشر". وقالت الهيئة العامة للسلع التموينية في رد مكتوب لـ"رويترز"، إنّ الرسالة تهدف إلى التعريف بمسئولي الجهاز.
وأضافت أن التواصل مع وزارة الزراعة الروسية جاء "لضمان توريد الأقماح المستوردة دون أي صعوبات"، مشيرة إلى "موافقة مجلس الوزراء بتفعيل دور جهاز مستقبل مصر نحو الشراء الموحد". وقال اتحاد مصدري الحبوب في روسيا إنه "لا يستطيع تأكيد أو نفي وجود هذه الرسالة". وأضاف في بيان: "لم نتلقّ حتى الآن أي معلومات عبر القنوات الرسمية المستخدمة في تبادل مثل هذه المعلومات المهمة".
دور متنامٍ لأجهزة الجيش المصري
تأسس جهاز مستقبل مصر بموجب قرار جمهوري في 2022، وهو الذراع التنموية للقوات المسلحة. وعلى الرغم من تركيزه في بادئ الأمر على مشروعات استصلاح الأراضي، توسع نطاق عمله منذ ذلك الحين ليشمل قطاعات رئيسة في الاقتصاد. وتولى الجهاز مسئولية بعض المشروعات من مؤسسات عسكرية أخرى وكذلك هيئات مدنية.
وشرع الجهاز في أول محاولة لشراء القمح والزيوت النباتية عبر اتفاقيات شراء مباشر في نوفمبر. إلا أن غموض الإجراءات أربك المتعاملين ودفعهم إلى تأجيل المعاملات والمطالبة بمزيد من الوضوح. ودائماً ما اعتمدت مصر على الهيئة العامة للسلع التموينية بوصفها وسيطاً موثوقاً به في التجارة الدولية.، وفقًا لـ"العربي الجديد"
ولا يُعرف الكثير عن جهاز مستقبل مصر في السوق العالمية لتجارة القمح. وفي مايو 2022، قال الجهاز إنه يعتزم خفض فاتورة واردات القمح في مصر من خلال توريد نحو مليون طن من القمح المحلي للحكومة في 2024. وأظهرت بيانات لوزارة التموين وفقاً لـ"رويترز" أنّ المحصول المحلي بلغ هذا العام 3.42 ملايين طن حتى نهاية موسم حصاده في أغسطس، بزيادة طفيفة على 3.41 ملايين طن في 2023 وأقل من 3.7 ملايين طن قدمها المزارعون إلى الحكومة في 2022.
ويتشكك المتعاملون في جهاز مستقبل مصر. وقال أحد المتعاملين الألمان: "لقد وضعت الهيئة العامة للسلع التموينية شروطها بخصوص الصفقات في الممارسات الدولية على مدى سنوات عديدة. إنهم جديرون بالثقة. لا يمكن إجراء عمليات شراء كبيرة بملايين الدولارات من دون هذه الثقة". وأضاف: "على المدى الطويل، لا شك أن الهيئة الجديدة ستكون قادرة على إجراء عمليات شراء. لكنها قد تواجه صعوبات في الأمد القريب".