شهدت مصر توسعًا غير مسبوق في سياسات التحفظ والاستيلاء على الشركات والأصول المالية.
وأظهر تقرير صادر عن الجبهة المصرية لحقوق الإنسان أن هذه الإجراءات لم تعد تقتصر على رجال الأعمال المرتبطين بجماعات سياسية إسلامية، بل توسعت لتشمل طيفًا واسعًا من مجتمع الأعمال والاستثمار المحلي، مما أدى إلى حالة من التوجس وعدم الاستقرار في السوق المصرية.
 

استهداف ممنهج لقطاع الأعمال
   وفقًا للتقرير الذي صدر بعنوان "أموالهم غنيمة لنا: تهديد الشركات والاستثمار المحلي تحت ستار الحرب على الإرهاب"، فإن السلطة وظَّفت هذا الاستهداف لحل أزماتها المالية وإعادة هيكلة السوق وفقًا لرؤيتها، وهو ما يتناقض مع مبادئ السوق الحر وحقوق المستثمرين، مما يفاقم الأزمة الاقتصادية ويجعل البيئة الاستثمارية في مصر غير آمنة.

وأشار التقرير إلى أن الحكومة أصدرت قوانين استثنائية أتاحت للأجهزة الأمنية ملاحقة الشركات والأفراد دون الحاجة إلى أدلة قاطعة، مما أدى إلى استيلاء غير مبرر على ممتلكات العديد من رجال الأعمال والشركات، معتمدين فقط على تقارير وتحريات أمنية.
 

أبرز الحالات
شهدت السنوات الأخيرة موجة جديدة من التحفظ والمصادرة امتدت إلى العديد من رجال الأعمال البارزين، بما في ذلك:

  • صلاح دياب: واجه ضغوطًا متكررة حتى رضخ لمطالب السلطة.
  • صفوان ثابت وابنه سيف: تم اعتقالهما بعد رفضهما التنازل عن أصول شركاتهم لصالح الحكومة.
  • أحمد العزبي: تعرض لضغوط أمنية أجبرته على التنازل عن جزء من ممتلكاته والدخول في شراكات غير مرغوبة مع صناديق حكومية.
  • مصطفى العوضي: اتهم أفرادًا في المؤسسة العسكرية بالاستيلاء على شركته بالاسكندرية بوسائل غير قانونية.
     

تأثير السياسات على السوق والاستثمار
رصد التقرير حالات عديدة لشركات متوسطة وصغيرة تعرضت لممارسات أمنية قاسية، منها الاستيلاء على أصولها أثناء المداهمات، مما دفع بعض المستثمرين إلى مغادرة البلاد، فيما لجأ آخرون إلى بيع حصصهم لمؤسسات أجنبية هربًا من الاستهداف.

وفي القطاع العقاري، تم التحفظ على أموال 18 شركة استثمار عقاري عام 2018، بعد تهديدات ومداهمات أمنية استهدفت رجال الأعمال العاملين في هذا المجال.
كما شملت حملات الاستهداف شركات أخرى بسبب علاقتها السابقة بأشخاص تم تصنيفهم على قوائم الإرهاب، ما أدى إلى عقوبات بأثر رجعي أضرت بالعديد من المستثمرين.
 

ممارسات غير قانونية وانتهاكات حقوقية
   لفت التقرير إلى أن الأجهزة الأمنية تعتمد على مداهمات واسعة تشمل مصادرة الأموال والممتلكات دون أن تظهر هذه الأصول لاحقًا أمام جهات التحقيق، مما يفتح الباب أمام مزاعم الاستغلال الشخصي لهذه الأموال من قبل بعض المسؤولين.
كما أن الإجراءات العقابية تطال أيضًا الشركات المساهمة، مما يتسبب في تدخل الدولة في إدارتها عبر الاستيلاء على حصص رجال الأعمال المدرجين على قوائم الإرهاب.
 

استراتيجيات التأقلم وردود الفعل
لجأت الشركات إلى عدة استراتيجيات للتأقلم مع هذه السياسات، منها:

  • نقل الاستثمارات إلى الخارج: كما فعلت بعض الشركات الكبرى، مثل "النساجون الشرقيون"، التي فضلت الاستثمار دوليًا.
  • تقليص حجم النشاط: اضطر العديد من المستثمرين إلى تصفية أعمالهم أو تقليل أنشطتهم الاقتصادية لتجنب استهدافهم.
  • الشراكة القسرية مع الدولة: خضع بعض رجال الأعمال للضغوط وقبلوا الدخول في شراكات غير متكافئة مع الجهات السيادية.

https://www.facebook.com/photo/?fbid=1061899462619431&set=a.342870647855653