من الواضح أن سلطات الاحتلال، وبدعم كامل من إدارة ترامب، تسعى إلى إجبار الفلسطينيين على الاستسلام، إلى جانب محاولتها إنقاذ حكومة نتنياهو من الانهيار عبر تصعيد الحرب في غزة.
لكن هذا المخطط لن ينجح، لأن القضية الفلسطينية ليست مجرد صراع على من يحكم غزة أو يمثل الفلسطينيين، بل هي معركة حول الحق التاريخي في الأرض.
فالفلسطينيون يؤمنون أن فلسطين هي وطنهم الذي سُلب منهم، ولذا لا خيار أمامهم سوى مواصلة المقاومة.
 

الاحتلال ومقاومة الشعوب
   
الفلسطينيون يدركون أن معاناتهم ليست استثناءً في التاريخ؛ فقد خاضت شعوب الجزائر وفيتنام وجنوب إفريقيا وأفغانستان وغيرها نضالات مشابهة ضد الاستعمار والاحتلال.
ورغم مرور 15 شهرًا من الحرب الصهيونية على غزة، لم ينجح الاحتلال الصهيوني في تركيع أهلها، رغم القصف والتجويع والتهجير القسري.

لم تُستثنَ مستشفيات أو مدارس أو مقرات للأمم المتحدة من القصف، في حملة وحشية أودت بحياة 50 ألف فلسطيني. ومع ذلك، فشلت سلطات الاحتلال الصهيوني في تحقيق أهدافها المعلنة من الحرب.
 

إفشال اتفاق وقف إطلاق النار
   طوال الحرب، أكدت حماس أنها مستعدة لوقف القتال عبر اتفاق لتبادل الأسرى؛ وبالفعل، تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وتم تنفيذ المرحلة الأولى منه.
لكن عندما حان وقت تنفيذ المرحلة الثانية، بدأ نتنياهو في المماطلة، ثم تخلى عن الاتفاق تمامًا.
لم يكن سبب انهيار الهدنة هو انتهاك حماس للاتفاق، بل لأنها أصرت على تنفيذ جميع بنوده وعدم السماح لسلطات الاحتلال بتعديله لصالحها.
ومع ذلك، تبنّت إدارة ترامب موقف نتنياهو بالكامل، في تطابق تام بين المواقف الإسرائيلية والأمريكية.
 

إنقاذ مستقبل نتنياهو السياسي
   وفي الساعات الأولى من يوم الثلاثاء، استُشهِد مئات الفلسطينيين، بينهم قيادات بارزة في حماس، في مجزرة جديدة.
ومع ذلك، يدرك الاحتلال الصهيوني والولايات المتحدة أن هذه المذابح لن تُجبر حماس على الاستسلام، ولن تدفع سكان غزة للانقلاب على المقاومة.
بل يبدو أن التصعيد العسكري يهدف فقط إلى إنقاذ مستقبل نتنياهو السياسي، وإبقاء تحالفه مع اليمين الديني المتطرف في الحكم.
 

الخيارات أمام المحتل
   السؤال الحقيقي ليس عن خيارات الفلسطينيين، لأنهم لا يملكون سوى خيار واحد؛ مواصلة النضال حتى تحرير فلسطين. بل إن المحتلين هم من يجب أن يسألوا أنفسهم عن مستقبلهم.
وعلى المحتلين أن يدرك أن حماس تمثل فكرة لا يمكن القضاء عليها، حتى لو قُتل جميع قادتها، وهُدمت غزة بالكامل، وتم تدمير مخيمات اللاجئين في الضفة.
ويجب أن يعترفوا أيضًا بأن نتنياهو، إلى جانب حلفائه في واشنطن من التيار الصهيوني المسيحي، مستعدون للتضحية بشعبهم من أجل تحقيق طموحاتهم السياسية.
 

الصهيونية... تهديد للجميع
   في الماضي، كانت الشرق الأوسط موطنًا للتعايش بين المسلمين والمسيحيين واليهود، حيث أسهم الجميع في بناء حضارة عظيمة.
أما الصهيونية، التي تزعم تمثيل اليهود، فهي اليوم أكبر تهديد للإنسانية. إنها عنصرية واستعمارية، ومعادية للمسلمين والمسيحيين واليهود على حد سواء.
لهذا، يجب على كل من يؤمن بالعدل والحرية أن يقف في وجهها، وأن يعمل على إعادة بناء جسور التعايش السلمي بين الشعوب.

إن إدارة ترامب وحكومة نتنياهو، ومن يدعمونهما، يحاولون إغلاق باب السلام بشكل نهائي. ولذا، لا بد من إيقافهم قبل فوات الأوان.
https://www.middleeasteye.net/opinion/trump-netanyahu-want-palestinians-capitulate-they-never-will