لم يكن رونين بار، رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي، يومًا شخصية ثورية أو معارضة. فقد قضى ثلاثة عقود في خدمة الدولة، بدءًا من قوات النخبة الخاصة، مرورًا بتحصيل درجات أكاديمية من جامعة تل أبيب وهارفارد، وصولًا إلى قيادة أقوى جهاز أمني داخلي في إسرائيل.
لكن مساء الخميس، أقالت حكومة بنيامين نتنياهو بار، ليصبح أول رئيس للشاباك يتم عزله في تاريخ إسرائيل، ما أثار احتجاجات واسعة وأعاد الجدل حول سياسات نتنياهو وسعيه لإضعاف الديمقراطية الإسرائيلية.
رجل الأمن الذي تحول إلى هدف سياسي
بار، البالغ 59 عامًا، خدم في وحدة سيريت ماتكال الخاصة، ثم أدار حانة في تل أبيب حيث التقى بزوجته. بعد دراساته في العلوم السياسية والفلسفة، التحق بالشاباك وصعد في المناصب حتى تولى قيادته عام 2021 بتعيين من رئيس الوزراء السابق نفتالي بنت.
ورغم أن منصبه يمتد لخمس سنوات، فإن نتنياهو قرر عزله قبل عام من انتهاء ولايته، مما دفع بار إلى اللجوء للمحكمة العليا للطعن في القرار.
مسؤولية عن فشل أمني
في أعقاب هجوم حماس المفاجئ في 7 أكتوبر 2023، كان بار من أوائل المسؤولين الأمنيين الذين اعترفوا بالتقصير وأبدى استعداده للاستقالة. لكنه استمر في منصبه سعيًا لإتمام صفقات إطلاق سراح الرهائن وضمان عدم تسييس الشاباك.
لكن محاولاته لحماية الجهاز الأمني جعلته هدفًا للهجوم، خاصة بعد تحذيراته من "الإرهاب اليهودي" الذي تمارسه جماعات المستوطنين المتطرفين. كما انتقد سياسات وزير الأمن القومي اليميني إيتمار بن غفير، معتبرًا أن العنف ضد الفلسطينيين في القدس الشرقية يعزز الغضب الشعبي.
تقارير محرجة لنتنياهو
في مارس 2023، خلال احتجاجات ضد إصلاحات قضائية مثيرة للجدل، أبلغ بار نتنياهو بوجود صلة بين الأزمة الأمنية والوضع الاجتماعي المتأزم.
لاحقًا، أصدر الشاباك تقريرًا عن هجوم 2023 أشار إلى أن سياسة "التهدئة" التي انتهجتها إسرائيل سمحت لحماس بتعزيز قوتها العسكرية، وهو ما اعتبر انتقادًا مبطنًا لنتنياهو.
إلى جانب ذلك، كان الشاباك يحقق في مزاعم بأن مساعدين مقربين من نتنياهو تلقوا أموالًا من قطر مقابل الترويج لمصالحها، في حين كانت قطر تمول جزئيًا حماس في غزة.
تعيين بديل موالٍ للحكومة
أحد أكبر مخاوف بار هو أن تعين الحكومة خليفة له يكون مواليًا لنتنياهو، مما قد يؤثر على التحقيقات الجارية، بما في ذلك قضية "قطر جيت".
في المقابل، برر نتنياهو الإقالة بـ"فقدان الثقة المهنية والشخصية"، وهو ما نفاه بار، مؤكدًا أن القرار نابع من مصالح رئيس الوزراء الشخصية.
في رسالة نشرها بعد إقالته، وصف بار الخطوة بأنها "تهديد مباشر لأمن إسرائيل"، مشيرًا إلى أنه عمل بتعاون وثيق مع نتنياهو لأشهر.
بين الاتهامات والدفاع عن النفس
بينما يرى منتقدو بار أنه يحاول التغطية على الإخفاقات الأمنية في أكتوبر 2023، يعتقد أنصاره أنه كان يقوم بواجبه ويحاول قول الحقيقة للسلطة.