تحلّ الذكرى الحادية والعشرون لاستشهاد الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وزعيمها الروحي، الذي اغتالته طائرات الاحتلال الإسرائيلي فجر يوم 22 مارس 2004، بينما كان يخرج من مسجد المجمع الإسلامي في حي الصبرة بمدينة غزة، في عملية اغتيال وحشية خطط لها رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أرئيل شارون.
 

اغتيال تجاوز كل القيم الإنسانية
   كانت لحظة اغتيال الشيخ أحمد ياسين بمثابة صدمة هائلة للشعب الفلسطيني والعالم العربي والإسلامي، حيث تمت تصفيته وهو مقعد على كرسيه المتحرك بثلاثة صواريخ أطلقتها مروحيات الاحتلال. وأعلن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الحداد لمدة ثلاثة أيام على استشهاده.

ولم تكن هذه المرة الأولى التي تستهدفه إسرائيل، فقد نجا قبل خمسة أشهر فقط من محاولة اغتيال بعد أن قصفت الطائرات الإسرائيلية شقة كان يوجد فيها، ما أسفر عن إصابته بجروح.
 

من النكبة إلى المقاومة: سيرة حياة حافلة بالنضال
   وُلِد الشيخ أحمد ياسين في قرية الجورة التابعة لقضاء المجدل جنوب عسقلان في 28 يونيو 1936. فقد والده وهو في الخامسة من عمره، وعايش الأحداث الكبرى التي مرت بها فلسطين، من ثورة 1936 إلى نكبة 1948 التي اضطر على إثرها للجوء إلى قطاع غزة مع عائلته.

تعرض الشيخ ياسين لحادثة خطيرة أثناء شبابه أدت إلى إصابته بالشلل الدائم، لكنه لم يسمح للإعاقة بأن تعيق مسيرته التعليمية، فأكمل دراسته وعمل في التدريس، وبرز كخطيب مفوه قادر على تحريك الجماهير، خاصة بعد نكسة 1967، حيث عمل على جمع التبرعات ودعم عوائل الشهداء والمعتقلين.
 

تأسيس حركة حماس: مرحلة جديدة في الصراع
   اعتقل الاحتلال الشيخ ياسين عام 1983 بتهمة حيازة أسلحة والتحريض على إزالة إسرائيل، وحُكم عليه بالسجن 13 عامًا، لكنه أُطلق سراحه في صفقة تبادل أسرى عام 1985. وبعد خروجه، أسس مع مجموعة من رفاقه حركة حماس عام 1987، تزامنًا مع اندلاع الانتفاضة الأولى.
https://x.com/am12304050/status/1771180956394619325

كانت حماس في بدايتها تركز على المقاومة الشعبية والدعوة الإسلامية، لكن سرعان ما أنشأت جناحها العسكري، الذي بدأ عملياته ضد الاحتلال، وكان أبرزها اختطاف وقتل الجنود الإسرائيليين في أواخر الثمانينيات.
https://www.youtube.com/watch?v=bEp1YZ1oH2E
 

الاعتقال والسجن المؤبد

   في عام 1989، اعتقل الاحتلال الشيخ ياسين مرة أخرى، وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة بتهمة تأسيس حماس والتحريض على خطف وقتل الجنود الإسرائيليين. وعلى الرغم من ظروف الاعتقال القاسية، رفض الشيخ أي مساومة على حريته مقابل الكشف عن أماكن دفن الجنود الإسرائيليين الذين اختطفتهم المقاومة.

وفقًا لما كشفه تقرير لصحيفة "هآرتس" عام 2009، فإن إسرائيل عرضت الإفراج عن الشيخ ياسين مقابل تسليم جثة الجندي إيلان سعدون، لكن الشيخ رفض، قائلاً: "أنا أريد الحرية، لكنني لن أقبلها على حساب تسليم جثة".
 

الإفراج والعودة إلى المقاومة
   أُفرج عن الشيخ أحمد ياسين عام 1997 ضمن صفقة تبادل بين إسرائيل والأردن، بعد محاولة فاشلة لاغتيال القيادي في حماس خالد مشعل في عمان. عاد الشيخ إلى غزة ليواصل دوره في قيادة حماس حتى لحظة اغتياله.
 

إرثٌ خالد وراية لا تسقط
   بعد استشهاد الشيخ أحمد ياسين، لم تتوقف مسيرة المقاومة، بل زادت شعبيتها وقوتها. ولا تزال رؤيته التي أرساها حول المقاومة والتحرير تلهم الأجيال الفلسطينية في سعيها نحو الحرية والاستقلال.

تمر السنوات، لكن اسم الشيخ ياسين يبقى حاضرًا في ذاكرة الفلسطينيين كرمز للصمود والتضحية، وكرجل تحدى إعاقته وسجون الاحتلال، ليترك إرثًا خالدًا في مسيرة الكفاح الوطني الفلسطيني.