في اليوم الثاني والثلاثين لاستئناف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تواصلت الغارات العنيفة على مختلف مناطق القطاع، مخلفة عشرات الشهداء والجرحى، أغلبهم من النساء والأطفال. واستهدفت الهجمات مخيمات النازحين ومدارس تأويهم، في مشهد بات يتكرر يوميًا في الحرب التي حوّلت غزة إلى منطقة منكوبة، وسط حصار خانق ومنع تام للمساعدات الإنسانية.

 

مدارس تحت النار.. وأطفال بين الشهداء

في واحدة من أعنف الغارات التي شهدها شمالي القطاع، استُهدفت مدرسة "الأيوبية" التابعة لوكالة الأونروا في مخيم جباليا، والتي كانت تؤوي مئات النازحين، ما أدى إلى استشهاد ستة فلسطينيين بينهم أطفال، وإصابة عدد آخر. ووصفت فرق الإسعاف والدفاع المدني المشهد بالمأساوي، حيث انتُشلت الجثث والمصابين بأدوات بدائية وسط الدمار والنيران.

كما استشهد 17 فلسطينيًا -بينهم 9 أطفال- في قصف على خيام للنازحين بجباليا وبيت لاهيا، بينما أدى قصف جوي آخر على منطقة الشعف شرق حي التفاح في مدينة غزة إلى سقوط شهيد آخر. 

وفي مخيم النصيرات وسط القطاع، قتلت طائرة مسيرة إسرائيلية فلسطينيًا، بينما وثقت مصادر طبية استشهاد فلسطينيين آخرين إثر قصف على حي الأمل في خان يونس.

 

مجازر متكررة.. وآخرون تحت الأنقاض

الدفاع المدني أعلن عن انتشال جثث أكثر من 15 شهيدًا -غالبيتهم من النساء والأطفال- إثر قصف عنيف استهدف خيام النازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس. واشتعلت النيران في الخيام، ما أدى لاحتراق الجثث والمصابين. ويعاني المسعفون من نقص حاد في المعدات والإمدادات، ما يجعل عمليات الإنقاذ محفوفة بالمخاطر وصعبة التنفيذ.

 

طوق ناري و"منطقة عازلة" على أنقاض غزة

في سياق العمليات العسكرية، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه سيطر على نحو 30% من مساحة قطاع غزة، وأنه حوّل هذه المناطق إلى "طوق أمني دفاعي متقدم". وأضاف في بيان أن قواته استهدفت 1200 هدف منذ 18 مارس الماضي، ونفذت أكثر من 100 عملية تصفية.

وبينما تواصل إسرائيل قصفها الجوي والمدفعي، شدد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس على أن الحكومة لن تسمح بإدخال أي مساعدات إنسانية إلى القطاع، معتبراً ذلك "أداة ضغط فعالة" ضد حركة حماس. واعتبرت الحركة هذا التصريح "إقرارًا علنيًا بجريمة حرب"، مطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته.

 

مقاومة مستمرة رغم الكارثة

أعلنت كتائب القسام -الذراع العسكري لحركة حماس– استهدافها 3 دبابات "ميركافا" شرق حي التفاح باستخدام قذائف "الياسين 105"، كما أعلنت كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس عن تفجير عبوة ناسفة بدورية إسرائيلية في وادي السيلة شمالي الضفة الغربية، مؤكدة وقوع إصابة مباشرة.

 

الضفة تلتهب.. وعمليات الإعدام تتواصل

في الضفة الغربية، لم تتوقف آلة القتل الإسرائيلية. فقد استشهد الشابان جهاد أدهم عبد الله عديلي (17 عامًا) وسيف غسان جبر عديلي (19 عامًا) برصاص الاحتلال قرب بلدة أوصرين جنوب نابلس، وفي بيتا، اقتحم عشرات المستوطنين جبل العرمة الأثري، بحماية قوات الاحتلال، واعتدوا على غرف وممتلكات المواطنين.

وبحسب معطيات فلسطينية، فإن الاحتلال والمستوطنين ارتكبوا جرائم ممنهجة منذ اندلاع الحرب، أودت بحياة أكثر من 952 فلسطينياً، وأدت لإصابة نحو 7 آلاف آخرين، إضافة إلى اعتقال أكثر من 16.400 مواطن فلسطيني.

 

حصيلة ثقيلة.. وعدّاد الدم لا يتوقف

وزارة الصحة في قطاع غزة أعلنت أن إجمالي عدد الشهداء منذ السابع من أكتوبر 2023 بلغ 51.065 شهيدًا، إضافة إلى 116.432 مصابًا، ومنذ استئناف العدوان الأخير في 18 مارس ارتفعت حصيلة الشهداء إلى 1691، فيما أصيب 4464 آخرون.

وتصف منظمة "أطباء بلا حدود" الوضع في غزة بأنه "مقبرة جماعية"، حيث يُقتل السكان وسط غياب تام للأمن الغذائي والدوائي، وتدمير منهجي للبنية التحتية، ومنع مطلق للمساعدات. وأشارت الأمم المتحدة إلى أن أكثر من نصف مليون فلسطيني نزحوا من بيوتهم خلال الأسابيع القليلة الماضية، وسط أزمة إنسانية غير مسبوقة.