في مستشفى الرنتيسي غربي مدينة غزة، فارقت الطفلة جنان صالح السكافي الحياة بعد معاناة قاسية مع الجوع والجفاف، لتُضاف إلى قائمة الضحايا الذين سقطوا في واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية فتكًا في العالم المعاصر.
ومع وفاة جنان، ترتفع حصيلة ضحايا المجاعة وسوء التغذية في قطاع غزة إلى نحو 53 شخصًا، غالبيتهم من الأطفال.
منظمات إنسانية ووكالات أممية أطلقت تحذيرات عاجلة: المجاعة باتت حقيقة يومية، وليست خطرًا مستقبليًا.
ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، فإن 1.95 مليون فلسطيني من أصل 2.2 مليون في غزة يعانون من مستويات خطيرة من انعدام الأمن الغذائي، بينما تحذر منظمة اليونيسف من أن أكثر من 96% من النساء والأطفال في القطاع عاجزون عن تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية.
وفي تقرير لوكالة "أسوشيتد برس"، كشفت منظمات إغاثة عن واقعٍ مفزع: الأمهات في غزة يقدمن وجبة واحدة فقط يوميًا لأطفالهن، فيما تواجه نحو 70 مطبخًا مجتمعيًا خطر الإغلاق خلال أسبوع إذا استمر الحصار الخانق ومنع إدخال المواد الغذائية.
سلاح التجويع.. أداة حرب وإبادة جماعية
منذ اليوم الأول للحرب الإسرائيلية على غزة، كان التجويع سياسة ممنهجة، خاصة في شمال القطاع، حيث مُنعت المساعدات وجرى استهداف المخازن والمخابز وشبكات المياه والوقود.
وتؤكد منظمات حقوقية أن هذه السياسات تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، وترقى إلى جرائم إبادة جماعية بحسب ما أوردت دعوى جنوب إفريقيا في محكمة العدل الدولية.
60 ألف طفل تحت خطر المجاعة
وبحسب مصادر طبية، فإن نحو 60 ألف طفل في غزة يعانون من أعراض سوء تغذية حادة، وسط شح الدواء والماء النظيف والغذاء.
وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن معدلات الوفيات المرتبطة بالجوع والجفاف مرشحة للارتفاع بشكل كارثي في الأسابيع القادمة، إذا لم يُكسر الحصار بشكل فوري.
نداءات من غزة والعالم الإسلامي: أنقذوا الأطفال
في الداخل، تصاعدت أصوات الاستغاثة. ففي بيان موجه إلى الزعماء العرب، قال وجهاء وعشائر مدينة غزة: "نستصرخ فيكم النخوة لفك الحصار عن غزة، فالأطفال تموت جوعًا أمام أعيننا".
وفي رسالة مباشرة إلى عبد الفتاح السيسي، ناشدت العشائر: "شعب غزة يموت جوعًا، ومصر العروبة والأزهر قادرة على فتح المعابر وإنقاذ أهل غزة من المجاعة، وكلنا أمل فيكم".
وفي نداء مؤلم، كتب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القره داغي عبر حسابه في منصة "إكس": "يا أمةَ الإسلام، موتُ طفلةٍ جوعًا في غزة وصمةٌ لا تُمحى بالبيانات، بل تُكفَّرُ بالمواقف ، والتحرك، والانتصار للحقِّ قبل أن نُسأل عنها بين يدي الله. ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد".
https://x.com/Ali_AlQaradaghi/status/1918570138011410782
وطالب القره داغي بتشكيل غرفة طوارئ إسلامية وعالمية تضع إنهاء حصار غزة على رأس أولوياتها، وترسل قوافل غذائية وطبية تحت إشراف منظمات مستقلة، ولو تطلّب ذلك مواجهة كل العوائق السياسية والبيروقراطية.
https://x.com/Ali_AlQaradaghi/status/1918570997432615176