في الوقت الذي يشتد فيه الحصار الخانق على قطاع غزة، ويُقاسي أبناؤه الجوع والمرض والمجازر المتواصلة، تفاخر المجرم دونالد ترامب، بنجاح جولته في الشرق الأوسط متباهياً ومستعرضاً انتصاراته الاقتصادية، وتحصيله نحو 10 تريليونات دولار من دول الشرق الأوسط، وسط استقبال رسمي لافت من دول السعودية وقطر والإمارات، وقبلهما قرب التصالح مع النظام الإيراني.
جولة حلب وابتزاز
أعلنت قطر شراء طائرة فاخرة بقيمة 400 مليون دولار كهدية شخصية له، وبدوره أعرب ترامب عن شكره لأمير قطر لأنه قدم الكثير.
ومن حيث الاستثمار، يمكن أن يصل إلى 2 مليون، 3 ملايين، وربما حتى 4 ملايين وظيفة في الولايات المتحدة، حيث أكد ترامب إبرام صفقة اقتصادية مع قطر بـ 1.2 تريلون دولار.
بينما أعرب الرئيس الاميركي دونالد ترمب بإعجابه ببن سلمان ولي عهد السعودية قائلا، حينما تكون معجبا بأناس مثل ولي العهد السعودي وأمير قطر فيمكنك أن تعمل لمدة ٢٠ ساعة في اليوم وأن تصافح الجميع كما حصل في اليومين الماضيين.
وأكد الاميركي دونالد ترمب: حصلنا على 10 تريليون دولار خلال أقل من ثلاثة اشهر وهذا لم يحصل في أي بلد.
وعكست تلك المشاهد حالة الانسلاخ الأخلاقي والتبعية العمياء لقوى الاستكبار العالمي، فمبالغ كهذه كانت كفية بإغاثة جميع العائلات الفلسطينية المحاصرة في غزة والضفة، وعلاج الجرحى، وإعادة إعمار ما دمره العدو الصهيوني، بل ومساعدة جميع الفقراء المسلمين في العالم أجمع لكن المال السعودي والقطري والإماراتي والإيراني اختار طريق الخضوع وشراء الولاءات.
تأتي زيارة ترامب إلى المنطقة، بحسب محللين سياسيين، في إطار استجداء المال الخليجي، لتعويض الفشل الأمريكي في إخضاع اليمن، وتراجع الهيمنة في البحر الأحمر، وفقدان القدرة على حماية حلفائه.
وليست هذه الزيارة كما يُروج الإعلام الغربي والعربي بأنها جولة دبلوماسية، بل هي حملة ابتزاز علني، تمارسها واشنطن على أنظمة فقدت قرارها السيادي.
ويؤكد المحللون، أن هذه الزيارة، ليست مدفوعة برغبة في حل القضايا العالقة أو البحث عن مخرج للقضية الفلسطينية، وإنما جاءت في سياق سعيه للحصول على مليارات الدولارات من السعودية وقطر والإمارات، لترميم صورة أمريكا المتداعية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، والحفاظ على ما تبقى من نفوذها في المنطقة.
فترامب لا يزور الخليج لحل نزاعات، بل لصب الزيت على النار، وضمان استمرار التوترات التي تبقي سوق السلاح مفتوحاً، والمليارات الخليجية تحت الطلب، في ظل غياب مشروع وطني لدى تلك الأنظمة سوى البقاء تحت حماية البيت الأبيض.
تجاهل الإبادة واختيار التطبيع
وفي امتدادٍ لهذا الانحدار السياسي، لم تكتف تلك الأنظمة بإغداق أموالها على ترامب وأمثاله، بل ترافق ذلك مع أداء إعلامي مأجور يعمل على تزييف الوعي وتلميع صورة التطبيع مع الكيان الصهيوني، متجاهلًا الجرائم اليومية التي ترتكب بحق النساء والأطفال تحت الحصار والقصف، ما يجعله شريكاً أساسياً في المؤامرة لا مجرد متفرج صامت.
وفي وقت كان ترامب يجري صفقات الابتزاز مع ولي عهد السعودية وآخرون، كان المجرم بنيامين نتنياهو يطلق تهديدات جديدة باجتياح غزة، ويكشف عن تحركات تفاوضية مع دول أجنبية لترحيل سكان القطاع، في مؤشر واضح على نية الاحتلال المجرم تنفيذ مخطط التهجير القسري، باستخدام الحصار والتجويع كأدوات ضغط لتحقيق مكاسب سياسية وأمنية.
ردود الفعل
المحلل والكاتب الصحفي نظام المهداوي "أكاد أجزم، من خلال خبرتي ومتابعتي وتخصّصي في علم النفس السياسي، أن الرئيس #ترامب يُكنّ احترامًا لعبدالملك الحوثي، على خلاف ما يُكنّه لمجموعة الحكّام الذين يغدقون عليه المال، ويتقرّبون منه بالصفقات التريليونية، أو الذين يقفون أمامه كالمرأة المستحية، أمثال #السيسي وغيره.
وتابع في تغريدة له ترامب شخصية ذات نرجسية مرتفعة، ميّالة للعدوان اللفظي، تتّسم بالاندفاع والانقسام في العلاقات، مع قدرة فائقة على التلاعب العاطفي بالشعوب عبر الخطاب الشعبوي.
وأضاف ترامب يُخرج كل هذه الصفات عندما يجد خضوعًا، لكنه يتراجع أمام أي شخصية قوية، شجاعة، قادرة على مواجهته، ولا يخفي إعجابه بشجاعتها، وصمودها، وذكائها.
واختتم أما من يخضع أمام ترامب، فإن خضوعه لا يجلب إلا مزيدًا من العدوانية والاستهزاء، حيثما شاء ترامب ومتى أراد.
https://x.com/NezamMahdawi/status/1922748504637833643](https://x.com/NezamMahdawi/status/1922748504637833643
بينما الخبير الاقتصادي المصري الدكتور هاني توفيق علق قائلا: "أشاهد بقرف شديد كافة الاحتفالات بالاستثمارات التى يرقص على أنغامها حكام العرب مع المخبول #ترامب، وعدم ربطها بإدخال معونات لشعب يمــوت جوعا ومرضا. جريــمة سيحاسبكم التاريخ عليها قبل حساب الله سبحانه وتعالى."
وقالت الكاتبة سمية الغنوشي: جولة ترامب ليست دبلوماسية، بل عرض مسرحي تغذّيه الخيانة والجشع. وأنظمة الخليج تملك المال والنفوذ، لكنها لا تستخدمه لوقف الإبادة بحق الفلسطينيين، بل تشتري الرضا الأمريكي الذي يزوّد الاحتلال بالقنابل التي تحرق غزة.