**فيما يبذل الأطباء في السودان جهودا لاحتواء تفشٍّ للكوليرا في العاصمة، أعرب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، السبت، عن شعوره بـ"الهلع" إزاء هجوم على مرافق صحية بمدينة الأبيض في ولاية شمال كردفان في وسط السودان.**

هناك معارك عنيفة تدور بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في محور كردفان الكبرى، التي تضم جنوب وشمال كردفان. 

واستطاعت قوات الدعم السريع استعادة السيطرة على مدن رئيسية كان الجيش يتمركز فيها. المعارك لا تزال مستمرة بحسب مصادر عسكرية، ويبدو أنها معارك كسر عظم للسيطرة على مناطق حيوية في الإقليم، من بينها مدينة الخوي ذات الموقع الاستراتيجي باعتبارها ملتقى طرق، **مما أدى إلى سقوط 6 قتلى وجرح 12، وفي الوقت نفسه قصفت بالمدفعية الثقيلة"**

مدينة الأبيض شهدت تصعيدا خطيرا، حيث استهدفت قوات الدعم السريع بقصف مدفعي كثيف مستشفيين وأحياء سكنية. القصف طال مستشفى الضمان والسلاح الطبي، بحسب شهود عيان ومصادر عسكرية، كما استخدمت طائرات مسيّرة لاستهداف منشآت مدنية، منها محطة الكهرباء.

أعلنت إدارة مستشفى الضمان إغلاقه لمدة أسبوعين بسبب الأضرار الجسيمة التي لحقت به، وقد تصاعد الدخان من المبنى بعد القصف.

تفشي الكوليرا

وفي الخرطوم حيث قضى العشرات هذا الأسبوع من جراء تفشي الكوليرا، واجه الأطباء صعوبات في علاج المرضى في خضم نقص في الإمدادات وتسارع التفشي.

وقال الطبيب حمد عادل، من منظمة "أطباء بلا حدود" لـ"فرانس برس" من مستشفى بشائر: "نستخدم كل الوسائل المتاحة للحد من انتشاره وعلاج المرضى المصابين".

وأظهرت لقطات لتلفزيون "فرانس برس" مرضى مستلقين على أسرة معدنية متهالكة، يتلقون علاجا وريديا في مركز عزل مؤقت يقتصر على خيمة منصوبة تحت الشمس الحارقة مع بلوغ الحرارة 40 درجة مئوية.

وفي مستشفيات أخرى في الخرطوم تخطت قدرتها الاستيعابية، اضطر أطباء إلى إبقاء مرضى على الأرض في الممرات والباحات.

ويتم تحميل مسؤولية التفشي إلى الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي بسبب ضربات بمسيرات لقوات الدعم السريع طاولت محطات الطاقة، ما حرم الملايين في المدينة هذا الشهر من المياه النظيفة.

وأُجبر حوالى 90% من مستشفيات البلاد في مرحلة ما على الإغلاق بسبب المعارك، بحسب نقابة الأطباء، فيما تم اقتحام المنشآت الصحية بشكل دوري وقصفها ونهبها.

الخميس، قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إن منشأة تابعة له "أصيبت وتضررت بشكل كبير من جراء قصف متكرر لقوات الدعم السريع".

وقال مبعوث الرئيس الأميركي مسعد بولس، الجمعة "إن إتاحة الوصول الآمن والمستدام للفرق الإنسانية أمر بغاية الأهمية، والانتهاكات التي تعرض للخطر مدنيين وجهود إغاثة تتطلب اهتماما جادا".

وأدّت الحرب إلى مقتل عشرات الآلاف، ونزوح 13 مليون شخص، وتسببت بما وصفته الأمم المتحدة بأنه "أسوأ أزمة إنسانية" في العالم.

وشهدت الخرطوم الكبرى معارك معظم العامين الماضيين خلال الحرب.

وأعلنت الحكومة المرتبطة بالجيش الأسبوع الماضي، أنها أخرجت قوات الدعم السريع من آخر مواقعها في ولاية الخرطوم بعد شهرين على استعادة معظم أنحاء العاصمة.

ولحقت بالمدينة أضرار جسيمة فيما البنى التحتية للصحة والصرف الصحي بالكاد تعمل.

وقالت مديرة لجنة الإنقاذ الدولية في السودان اعتزاز يوسف إن "السودان على حافة كارثة صحية عامة شاملة".

وأضافت أن "مزيجا من النزاع والنزوح وتدمير البنى التحتية الحيوية، ومحدودية الوصول إلى المياه النظيفة، يغذّي عودة تفشي الكوليرا وأمراض قاتلة أخرى".

ونزح ما لا يقل عن 3 ملايين شخص من ولاية الخرطوم وحدها، لكن أكثر من 34 ألف شخص عادوا إليها منذ أن استعاد الجيش السيطرة عليها خلال الأشهر الماضية، وفقا لأرقام الأمم المتحدة.

وعاد معظمهم ليجدوا منازلهم مدمرة بسبب المعارك، ومن دون أي إمكان للوصول إلى مياه نظيفة أو خدمات أساسية.