في خطوة أثارت جدلًا واسعًا على المستويين الشعبي والبرلماني، أقر مجلس النواب الانقلابي قانونًا جديدًا ينظم أوضاع "الإيجار القديم"، بعد سنوات من المداولات والمطالبات المتضاربة بين الملاك والمستأجرين.
ووافقت، أمس الأربعاء، لجنة الإسكان بمجلس النواب، على مشروع قانون الإيجار القديم، المقدم من الحكومة، وتضمنت أبرز بنوده انتهاء مدة عقود إيجار الوحدات السكنية بعد 7 سنوات، على أن يتم زيادة قيمة الإيجار للوحدة خلال تلك الفترة من 250 إلى 1000 جنيه (4.95-19.79 دولار) بحسب تصنيف المنطقة، وترتفع بنسبة 15% سنويًا، وخلال هذه المدة يكون للمستأجر أحقية في تخصيص وحدة سكنية أو غير سكنية، إيجارًا أو تمليكًا، من الوحدات المتاحة لدى الدولة.
وشهد الشارع حالةً من الغضب في الأشهر الأخيرة، بسبب مواد مشروع القانون المقترح سابقاً من حكومة السيسي، الذي كان يقضي بإنهاء عقود الإيجارات السكنية القديمة بعد مرور 5 سنوات من تاريخ سريان القانون. ونص المشروع الجديد على تمديد فترة إنهاء عقود الإيجار القديم من 5 سنوات إلى 7 سنوات، في ما يخصّ الأماكن المؤجرة لغرض السكن، والإبقاء على مدة الخمس سنوات للأماكن المؤجّرة للأشخاص الطبيعية لغير غرض السكن، مع إلزام المستأجر بإخلاء المكان المؤجر ورده إلى المالك بانتهاء الفترة الانتقالية، والنص صراحة على إلغاء جميع قوانين الإيجارات القديمة بعد انتهاء الفترة الانتقالية.
وفي مذكرة مشروع قانون الإيجار القديم، بررت حكومة السيسي سبب إعداد القانون إلى تفاقم أزمة الإسكان؛ حيث حرص بعض المواطنين من طائفة المستأجرين على الاحتفاظ بالوحدات المستأجرة وإن تغيرت ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية وأصبحوا في غير حاجة إليها، فضلاً عن مزاحمتهم لغيرهم في الحصول على المساكن التي تطرحها الدولة.
كما تسبب القانون في عزف الكثير من المواطنين من طائفة المؤجرين عن تأجير الأماكن المملوكة لهم لضآلة الأجرة القانونية ولتلافي الامتداد القانوني لعقد الإيجار، وهو ما نجم عنه تزايد عدد المساكن المغلقة غير المستغلة، كما أعرض الملاك عن صيانة عقاراتهم المؤجرة لضآلة عوائدها، واتجه المستثمرون إلى البناء بقصد التمليك، حتى أصبح الحصول على مساكن إلا من خلال التمليك الذي لا يتناسب مع الغالبية العظمي من أفراد الشعب محدودي الدخل، وفق ما جاء بالمذكرة.
ويخشى مراقبون من أن يؤدي التطبيق غير المرن للقانون إلى أزمات اجتماعية غير مسبوقة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، وغياب أي إجراءات فاعلة لحماية الفئات الأكثر ضعفًا. فهل تحقق حكومة السيسي التوازن بين حقوق المالك وكرامة المستأجر، أم تُفتح أبواب أزمة جديدة؟
ويمكن حصر أهم مشاكل قانون الإيجار الجديد في الآتي:
1. خطر الإخلاء الجماعي
القانون يسمح للمالكين بإخلاء المستأجرين بعد نهاية الفترة الانتقالية (7 سنوات) ما لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد ما يهدد نحو 6 ملايين مستأجر، وفق تقديرات رسمية، خاصة في القاهرة الكبرى والمحافظات الكبيرة.
2. زيادات عقدية قد تطيح بالطبقات الضعيفة
رفع الحد الأدنى للإيجار إلى 1000 جنيه في المدن و500 في القرى، مع زيادة سنوية 15% لمدة 7 سنوات.
الإجراءات تُفعّل خلال فترة طفرة اقتصادية هشّة، ما يجعلها عبئًا لا يحتمله كثير من المستأجرين
3. التجاوز الصريح لأحكام القضاء
نقض وقرار الدستورية العليا لا ينصان على حق الإخلاء، فقط على تعديل القيمة وليس الطرد، ووصف خبراء قانونيون المشروع بـ"قنبلة دستورية"، تُخالف صراحة أحكام المحكمة الدستورية.
4. خطر انهيار السلم الاجتماعي
نواب أثاروا اعتراضًا قائلين إن مشروع القانون "يفجر البلد"، ويُخلّف أزمة اجتماعية إذا طُرِد الملايين دون بدائل سكنية واضحة.
كما أن هناك تحذيرات من المجلس القومي لحقوق الإنسان حول عدم جاهزية الدولة لتوفير بدائل سكنية واضحة لـ6 ملايين مستأجر.
5. مشكلات اقتصادية على الدولة والمالكين
الأثر المترتب يشمل خسائر مادية على الدولة، والمالكين صغار المال، بالإضافة إلى تأثيرات على قطاع العقارات ككل.
كما سيتضرر الاقتصاد من هروب الاستثمارات في سوق الإيجار نتيجة عدم الاستقرار والتشريعات المتعسفة.
6. غياب الحماية والبدائل
لا توجد آلية واضحة لدعم المستأجرين المتضررين، بل اقتراح إنشــاء صندوق حكومي بقيمة 200 مليار جنيه – وصف بـ"غير الواقعي."، بينما ندّدت أصوات قانونية بغياب التمييز بين المستأجرين المحتاجين وغير القادرين ماليًا.
7. تعقيدات قانونية وتنظيمية
المشروع يجمع بين الإيجارات السكنية والتجارية بدون فصل، ما يعرض آلاف الأسر العاملة في محلات متضررة للطرد، وهو ما يُتوقع معه زيادة النزاعات القضائية، مع الحاجة لنظام بيانات دقيق يحدد العقود المفعّلة بوضوح.
8. إعادة تنشيط السوق العقارية أم خلق وراء قانوني؟
هناك هدف اقتصادي لتعزيز حركة السوق العقارية بإعادة ضخ وحدات مغلقة منذ عقود، وربما تحقيق إيرادات ضريبية جديدة.
ويؤكد الخبراء أن تنفيذ القانون بشكل متسرّع قد يؤدي إلى نزوح للسوق العشوائية، وضغط على الإسكان الاجتماعي.
وقال رئيس ائتلاف ملاك العقارات القديمة، مصطفى عبدالرحمن، إن هناك تحفظات للائتلاف على مشروع قانون الإيجار القديم المقدم من الحكومة أبرزها انتهاء مدة عقود الإيجار للوحدات السكنية بعد 7 سنوات، وفي ظل تقادم مباني الإيجار القديم فإنها تكون عرضة للانهيار مما يضع المالك تحت طائلة القانون، كما أن القيمة الإيجارية المقترحة وتتراوح من 250 إلى 1000 جنيه ضئيلة جدًا مقارنة بمتوسط أسعار الإيجارات في الفترة الحالية، كما أن نسبة الزيادة 15% غير مجزية للمؤجر ولا تتناسب مع الزيادة في أسعار السلع سنويًا، وفقًا لـ "CNN بالعربية".
أضاف "عبد الرحمن"، أن الائتلاف يرفض كذلك البنود المتعلقة بالوحدات غير السكنية بمشروع القانون المقترح، ويطالب بتحديد حد أدنى للقيمة الإيجارية بقيمة 3 آلاف جنيه وفترة توفيق أوضاع لمدة عام واحد فقط وليس خمس سنوات مثلما هو مقترح، خاصة وأن مستأجري الوحدات غير السكنية يمارسون نشاطًا ويحققون أرباحًا من ورائها لا يتناسب مع قيمة الإيجار لهذه الوحدات.