في الأيام الماضية، عادت المقاومة الفلسطينية لتفرض حضورها القوي ميدانيًا في قطاع غزة، من خلال عمليات نوعية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، اتسمت بالتنوع الزماني والمكاني، واستندت إلى عقيدة حرب استنزاف، تتبناها حركات التحرر الوطني عبر التاريخ، وتستثمر فيها فنون المباغتة والحرب النفسية، بهدف تحقيق أهداف استراتيجية تتجاوز الميدان.

وانطلاقا من ذلك شنّ اللواء احتياط في الجيش الإسرائيلي، إسحاق بريك، هجومًا حادًا على أداء وحدة المتحدث باسم الجيش، متهمًا إياها بـ"تضليل الجمهور الإسرائيلي عبر نشر روايات كاذبة عن النجاحات العسكرية"، بما يخلق صورة زائفة عن قوة الجيش ويغطي على إخفاقاته.

وفي مقال نشرته صحيفة معاريف، أشار بريك، الذي تولى مناصب رفيعة في المؤسسة العسكرية، إلى أن الواقع الميداني في غزة يتناقض كليًا مع ما تروّجه المؤسسة العسكرية، معتبرًا أن ما يُعلن عن تدمير لقدرات حركة حماس أو مقتل آلاف من عناصرها "لا يعكس الحقيقة على الأرض"، مؤكدا أن حماس عادت إلى حجمها قبل الحرب بنحو 40 ألف مقاتل.

 

تفوق حماس الميداني

فمن خان يونس جنوبًا، إلى الشجاعية وجباليا شمالًا، ومرورًا بمحيط رفح وتل السلطان، نفّذت المقاومة سلسلة كمائن وتفجيرات وقنص مباشر ضد وحدات النخبة الإسرائيلية، خلّفت قتلى وجرحى في صفوف الجنود، وتسببت بإرباك ميداني واسع لدى قوات الاحتلال التي حاولت التقدّم في أحياء مدمّرة منذ شهور.

أحدثت العمليات الأخيرة اهتزازًا في الجبهة الداخلية الإسرائيلية، إذ اعترف الجيش بسقوط قتلى وجرحى، بينهم ضباط، في كمائن متعددة. هذا الاستنزاف المستمر ساهم في زيادة الضغط على الحكومة الإسرائيلية، التي تواجه احتجاجات داخلية، وانقسامات سياسية بشأن جدوى استمرار العملية العسكرية في غزة.

في المقابل، شكّلت هذه العمليات رافعة معنوية للفلسطينيين، وأكدت أن المقاومة قادرة على البقاء والمبادرة، رغم الفارق الكبير في ميزان القوى. كما أنها أعادت تسليط الضوء دوليًا على استمرار الاحتلال والعدوان، ما دفع منظمات حقوقية لتجديد مطالبها بوقف العمليات العسكرية.

ما يجري في قطاع غزة ليس مجرد تبادل نار، بل معركة عقول وصبر واستنزاف، تُدار بعقيدة مقاومة مدروسة، توظّف الجغرافيا، والزمن، والمباغتة، والحرب النفسية، لتحقيق أهداف تتجاوز الميدان العسكري إلى الفضاء السياسي والأخلاقي.

المقاومة الفلسطينية، من خلال عملياتها الأخيرة، تؤكد أنها لم تخرج من المعادلة، بل تعيد صياغتها بأسلوب جديد، حيث الاستمرار أهم من الانتصار السريع، والوعي الميداني أكثر فاعلية من السلاح الثقيل.

 

عمليات الجمعة

أعلنت كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس، تفاصيل العملية العسكرية التي نفذتها الجمعة ضد قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة المحاصر.

وذكر بلاغ عسكري لكتائب القسام أن مقاتليها فجروا دبابتين إسرائيليتين من نوع ميركافا بمنطقة المحطة وسط خانيونس بعبوتي شواظ.

وأضافت القسام أنها قصفت ناقلة جند بقذيفة من طراز ياسين 105، قبل أن تسهدف قوة الإنقاذ بأسلحة خفيفة ومتوسطة، مخلفة قتلى وجرحى.

[https://youtu.be/Ma1Id1jXQko](https://www.blogger.com/blog/post/edit/4476304132469988251/505046630431682400?hl=ar#)

غير أن جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يؤكد سوى مقتل جندي وإصابة أربعة بينهم اثنان بجروح خطرة في معركة بجنوب قطاع غزة، ولم يتطرق إلى تفجير دبابتي ميركافا، وسط تعتيم إعلامي ورقابة عسكرية صارمة على تداول المعلومات بشأن الحرب في غزة.

 

عمليات شرق جباليا

أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) تنفيذ عمليتين ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي شرق مدينة جباليا شمالي قطاع غزة خلال الأسبوع الأخير من يونيو الماضي، وأكدت وقوع إصابات في صفوف الجنود وتدمير آليات عسكرية.

وفي بيان صدر السبت أفادت القسام بأن إحدى مجموعاتها القتالية استهدفت قوة راجلة لجيش الاحتلال بقذيفة مضادة للدروع من طراز "آر بي جي" أعقبها اشتباك مباشر باستخدام الأسلحة الخفيفة، وذلك يوم الأحد الماضي (29 يونيو 2025).

وأضافت أن المقاتلين العائدين من خطوط الاشتباك أكدوا أيضا تنفيذ عملية أخرى في اليوم التالي (30 يونيو) استُهدفت خلالها 3 دبابات إسرائيلية من طراز "ميركافاه" باستخدام عبوتين من نوع "شواظ" بطريقة "العمل الفدائي"، إضافة إلى قذيفة "تاندوم" المضادة للدروع.

وأوضحت القسام أن العمليتين نفذتا في المنطقة الشرقية من مدينة جباليا، وهي من أبرز مناطق التماس التي تشهد اشتباكات متكررة بين قوى المقاومة وجيش الاحتلال منذ أشهر.

[https://youtu.be/la9vHWf4yI0](https://www.blogger.com/blog/post/edit/4476304132469988251/505046630431682400?hl=ar#)

وقد تصاعدت عمليات المقاومة ضد الاحتلال بالقطاع، مع ترقب لصفقة بعد إعلان حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تسليمها الوسطاء ردا "اتسم بالإيجابية" قبل زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لواشنطن المتوقعة الاثنين المقبل.

كما أعلنت سرايا القدس وكتائب القسام  الخميس تنفيذ سلسلة عمليات استهدفت مواقع وتجمعات الجيش الإسرائيلي في مناطق عدة بقطاع غزة، وأكدتا وقوع إصابات مباشرة في صفوف قوات الاحتلال وآلياته.

https://youtu.be/IngIdOsVWuA

وبحسب معطيات الجيش الإسرائيلي فإنه منذ بداية العدوان على غزة في 7 أكتوبر 2023، قُتل 883 عسكريا بينهم 439 بالمعارك البرية في قطاع غزة التي بدأت في 27 من الشهر نفسه.

كما تشير المعطيات إلى إصابة 6032 عسكريا بينهم 2745 بالمعارك البرية في قطاع غزة.

وتتكتم إسرائيل وفق مراقبين على معظم خسائرها البشرية والمادية، وتمنع التصوير وتداول الصور والمقاطع المصورة، وتحظر الإدلاء بمعلومات لوسائل إعلامية بشأن الخسائر، إلا عبر جهات تخضع لرقابتها المشددة.