كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن مخطط إسرائيلي لاحتجاز أكثر من 600 ألف فلسطيني في معسكر اعتقال مغلق فوق أنقاض مدينة رفح جنوبي القطاع، وفرض قيود شديدة على حركتهم، ضمن خطة وصفتها منظمات حقوقية دولية بأنها تمثّل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي الإنساني، وجريمة تندرج تحت أفعال التهجير القسري والاضطهاد والفصل العنصري، في خطوة وُصفت بأنها تمثّل تصعيدًا غير مسبوق في سياسات الاحتلال الإسرائيلي ضد سكان قطاع غزة.
المدينة "الإنسانية" على أنقاض رفح.. مشروع قسري برعاية الاحتلال
وبحسب تقارير إعلامية إسرائيلية، فإن تل أبيب تخطط لإقامة ما تسميه "المدينة الإنسانية" بين محوري فيلادلفيا وموراغ، على أنقاض مدينة رفح التي دمرتها الحرب، بزعم توفير "منطقة فاصلة" بين المدنيين وعناصر الفصائل المسلحة. غير أن الحقائق على الأرض، وفقًا لتقارير حقوقية دولية، تكشف نوايا مبيتة لفرض واقع ديمغرافي جديد في القطاع، وإعادة رسم خريطته السكانية باستخدام أدوات التهجير الجماعي والتجميع القسري.
المرصد الأورومتوسطي: إبادة جماعية بغطاء "هدنة مؤقتة"
في بيان حاد اللهجة، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن التصريحات الصادرة عن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، والتي تحدث فيها عن استغلال الهدنة المؤقتة لنقل سكان غزة إلى "منطقة إنسانية"، توضح أن وقف إطلاق النار ليس إلا وسيلة لتسهيل إنشاء معسكرات احتجاز جماعية، وليس خطوة نحو وقف الإبادة.
وأضاف أن الخطة تتضمن إخضاع السكان لفحوص أمنية مشددة، ومنعهم من مغادرة المنطقة، ما يجعل "المنطقة الإنسانية" فعليًا معسكرًا مغلقًا للاعتقال الجماعي، في انتهاك صارخ للقانون الدولي، وخرق لأبسط حقوق الإنسان.
وأشار المرصد إلى أن تبنّي كاتس لفكرة "الهجرة الطوعية" هو غطاء لسياسة تهجير قسري ممنهجة تهدف إلى تفريغ غزة من سكانها الأصليين، ضمن امتداد واضح لسياسات التطهير العرقي والاقتلاع التي تمارسها إسرائيل منذ عقود.
منظمة العفو الدولية: خطة شائنة وغير إنسانية
من جهتها، وصفت منظمة العفو الدولية المخطط الإسرائيلي بأنه "شائن وغير إنساني"، وحذّرت من أن "المدينة الإنسانية" المزعومة ليست إلا واجهة للتجميع القسري للفلسطينيين تحت ظروف مذلة، مطالبة المجتمع الدولي بعدم التورط في دعم هذا المشروع أو السكوت عليه.
وأكدت المنظمة أن أي دعم مباشر أو غير مباشر لنقل السكان أو تهجيرهم في هذه الظروف يُعد مشاركة في جرائم دولية، داعية الدول إلى رفض المشروع، وعدم المساهمة في تعميق الكارثة الإنسانية القائمة.
مفوضية الأمم المتحدة: المساعدات محدودة والأزمة تتفاقم
وفي السياق الإنساني ذاته، أكّد المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن إسرائيل لا تسمح إلا بدخول كميات ضئيلة من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني، ويدفع السكان نحو مزيد من الجوع والعطش والمرض.
ودعا المتحدث الدول ذات النفوذ إلى الضغط العاجل على إسرائيل لضمان دخول الإمدادات الأساسية، وعلى رأسها الوقود، الذي يمثل شريان الحياة للمستشفيات ومحطات المياه والصرف الصحي.
الأونروا: الحياة في غزة تنهار
من جانبها، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن كرامة الفلسطينيين تنتهك يوميًا في غزة، مشيرة إلى أن الوضع الإنساني وصل إلى حافة الانهيار التام بعد أكثر من 21 شهرًا من الحرب المتواصلة.
وأضافت الأونروا أن سكان القطاع يواجهون أزمة حادة في الغذاء والمياه، بينما يتفشى المرض وسط انهيار تام للبنية التحتية، واستمرار الغارات والنزوح الجماعي.
خداع المصطلحات.. "المدينة الإنسانية" و"منطقة العبور"
وفي تحذير واضح من التلاعب السياسي بالمصطلحات، قال المرصد الأورومتوسطي إن إطلاق أسماء مثل "منطقة إنسانية" أو "منطقة عبور" ليس إلا ستارًا لتجميل وقائع مرعبة تتعلق بتجميع البشر قسرًا في معسكرات مغلقة، وحرمانهم من حريتهم الأساسية في التنقل والعودة إلى منازلهم.
وأكد أن أي مغادرة لغزة في هذه الظروف لا يمكن اعتبارها طوعية، لأنها تتم تحت القصف والتجويع والنزوح القسري، وهو ما يُسقط عنها صفة الإرادة الحرة التي يتطلبها القانون الدولي لاعتبار أي نزوح مشروعًا أو قانونيًا.