على غرار ما اتهم السيسي ونظامه الرئيس الشهيد محمد مرسي والعديد من رموز الإخوان بتخابرهم مع قطر ما استوجب حسب القضاء المسيس التابع للمنقلب صدور أحكام بالإعدام بحقهم، الآن وليس التخابر فقط بل التفريط في أهم الشواطائ المصرية وبثمن بخس فرط السيسي وحكومته بأرض علم الروم بالساحل الشمالي بمرسى مطروح، فهل يستطيع القضاء الشامخ بمحاسبة هؤلاء العملاء في تضييع واتفريط في الأراضي المصرية؟ أم أن هناك ازدواجية في المعايير وخيانة السيسي للوطن لا تستوجب محاكمة.
بالتزامن مع تباهي إعلام عبد الفتاح السيسي، بالتفريط في رأس علم الروم، أثيرت تساؤلات واسعة حول ما يعرف إعلاميا بـ"قضية التخابر مع قطر"، والتي ضمت الرئيس الشهيد محمد مرسي في صدارة قائمة المتهمين الذين صدر بحقهم أحكام بالإعدام والمؤبد.
قضية التخابر مع قطر؟
في سبتمبر 2014 أحالت نيابة أمن الدولة العليا الرئيس مرسي ومتهمين آخرين إلى المحاكمة بتهمة إفشاء أسرار خاصة بأمن البلاد إلى قطر والتخابر معها وقيادة جماعة أسست على خلاف أحكام القانون، في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين، والانضمام إليها.
وفي 19 يونيو 2016، أصدرت محكمة جنايات القاهرة أحكاما بالإعدام والسجن المؤبد والغرامة المالية موزعة على المتهمين في القضية المعروفة إعلاميا باسم "التخابر مع قطر"، وعددهم 11 شخصا في مقدمتهم الرئيس الشهيد محمد مرسي.
في سبتمبر 2017 قضت محكمة النقض المصرية بتأييد أحكام بإعدام ثلاثة متهمين في قضية "التخابر مع قطر"، وأيدت حكما يقضي بحبس الرئيس بالسجن المؤبد (25 عامًا)، وقامت بإلغاء حكم آخر بحبسه لمدة 15 عامًا بتهمة اختلاس أوراق رسمية كانت موجهة للرئاسة من جانب أجهزة الدولة خلال فترة حكم الرئيس الأسبق للبلاد.
كما أمرت محكمة النقض بإحالة أوراق القضية مجددا إلى النائب العام "لاتخاذ اللازم قانونا نحو التحقيق والتصرف فيما نسب فيها إلى حمد بن جاسم رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري السابق عن أفعال ووقائع ارتكبتها قناة الجزيرة التابعة لوزارته تنطوي على جرائم جنائية مؤثمة قانونا بقصد الإضرار بمصلحة البلاد".
شملت الاتهامات التصرف في وثائق دولة أجنبية، والمساس بالأمن القومي المصري، والإضرار بمصلحة البلاد القومية، وبمركزها الحربي، والسياسي، والدبلوماسي، والاقتصادي، وإعطاء مبالغ مالية كرشوة بقصد ارتكاب عمل ضار بالمصلحة القومية للبلاد.
"هل تسقط الأحكام؟"
وصف القاضي محمد عوض، والمنسق العام لحركة "قضاة من أجل مصر" سابقا، القضية بأنها كانت "ورقة سياسية لا تتوافر فيها أركان جريمة التخابر وهي الإضرار بالبلاد سواء أمنيا أو سياسيا أو اقتصاديا، ولم يثبت ذلك لا في بيان الاتهام ولا في حيثيات الحكم الصادرة، ومجرد التواصل مع مسؤولين في دولة أخرى أو وسيلة إعلام عالمية لا يمكن أن نطلق عليه تخابرا بل يأتي في سياق التواصل السياسي والدبلوماسي والإعلامي المعتاد".
وأكد: "إن القضايا الجنائية السياسية، أحكامها لا تصدر وفقا للقانون وقواعد العدالة المقررة، والأحكام تصدر بالتعليمات، فضلا عن أن اختيار القضاة يتم بصورة انتقائية، وتشكيل دوائر استثنائية، والأحكام الصادرة تعتمد على تحريات مباحث أمن الدولة فقط وهي قرينة وليست دليلا، وبالتالي كل القضايا السياسية مشكوك في صحتها".
وبشأن مصير القضية من جهة والأحكام الصادرة بها من جهة أخرى، استبعد القاضي "أن يتم إسقاط تلك الأحكام بحق المتهمين، إلا إذا كان هناك قرار سياسي بالإفراج عنهم من خلال لجنة الحوار أو عفو رئاسي؛ والتصرف فيها سيكون سياسيا وليس قضائيا لأنها قضية سياسية كما أوضحنا، حتى وإن تضمنت أحكاما نهائية بالإعدام لأن النظام مأزوم والشعب على وشك الانفجار، ويمكن لذويهم تقديم التماس، لإعادة النظر، إذ نفدت درجات الطعن، بعد ظهور أدلة جديدة تغير في مسار القضية".
وطالب حقوقيون السلطات بعد بيع أصول والتفريط بها لقطر تحديدا أن تعيد الدولة النظر في تلك القضية وما صدر عنها من أحكام في ضوء عودة العلاقات بين البلدين، والزيارات المتبادلة بين رموز الدولتين، فهل يستطيع السيسي أن يفعل ذلك أم يستمر في خرق القانون.
وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء، قُرب التوصل إلى اتفاق بين مصر وقطر حول استثمارات قطرية بمنطقة "علم الروم" في مدينة مرسى مطروح على ساحل البحر المتوسط يتضمّن إنشاء مدينة سياحية متكاملة على مساحة 60 ألف فدان، تُخصّص "بنظام حقّ الانتفاع" لصالح جهاز قطر للاستثمار، باستثمارات أوّلية تناهز قيمتها أربعة مليارات دولار.
ووفقاً لبلومبرغ، فإن المشروع يشتمل على "منتجعات سياحية عالمية، ووحدات سكنية فاخرة، ومراكز تجارية وترفيهية ... على غرار مدينة رأس الحكمة".
وبحسب بلومبرغ، فإن حصة الحكومة المصرية من إيرادات المشروع بعد تنفيذ جميع مراحله، قد تصل إلى 15 في المئة من إجمالي الإيرادات.
وتبعُد منطقة علم الروم حوالي 50 كيلومتراً عن رأس الحكمة، التي اجتذبت استثماراً إماراتياً بقيمة 35 مليار دولار في أكتوبر الماضي.
وتسعى الحكومة المصرية للتفريط في الأصول المصرية؛ لتحصيل 42 مليار دولار استثمارات أجنبية مباشرة خلال العام المالي الذي بدأ في مطلع يوليو الجاري، وذلك بهدف سدّ فجوة تمويلية وخفض الدين الخارجي.
ووفقاً لبيانات البنك المركزي المصري، فقد سجّل الدين الخارجي لمصر 155.09 مليار دولار بنهاية ديسمبر/كانون الأول 2024.
مزايا علم الروم
تتمتّع منطقة علم الروم بالعديد من عوامل الجذب السياحي والسكني؛ فهي تقع على مسافة 12 كيلومتراً إلى الشرق من مدينة مرسى مطروح، كما تعتبر من أبهى الشواطئ وأكثرها هدوءاً على ساحل البحر الأبيض المتوسط شمال غربي مصر.
وفي شهرَي سبتمبر وأكتوبر من كل عام، يلتقي هواة صيد الطيور المهاجرة عند شاطئ علم الروم؛ حيث تمرّ الطيور قادمة من أوروبا باتجاه أفريقيا.
ويعتبر البعض منطقة رأس علم الروم بمثابة "المفتاح الشرقي لمحافظة مرسى مطروح"، كما تتمتع المنطقة بقُربها من مطار مرسى مطروح الدولي، الواقع على مسافة ستة كيلومترات، كما تضمّ محطة قطار تبعُد أربعة كيلومترات فقط عن جامعة مطروح.
واكتسبت المنطقة اسم "علم الروم" لأنها كانت تحتوي على حِصنٍ روماني قديم يسمى "آرتوس"، وقد كان هذا الحصن يحيط بمدينة بارتيليوم (الاسم الروماني لمرسى مطروح).