تصدرت الصفحة الأولى لصحيفة ديلي إكسبريس البريطانية، ذات التوجهات اليمينية، الأربعاء 23 يوليو 2025، تقريراً مؤثراً بعنوان بارز: "من أجل الرحمة، أوقفوا هذا الآن"، في دعوة صريحة لوقف المجازر المستمرة بحق المدنيين الفلسطينيين.
وصور التقرير أمٌّاً عاجزةٌ تحتضن ابنها الهزيل بحنانٍ في صورةٍ مرعبةٍ، تُجسّد «دوامة البؤس الإنساني» التي تجتاح غزة، موضحا أن الطفل اسمه محمد زكريا أيوب المعتوق، ويبلغ من العمر عامًا واحدًا، ويُعادل وزن طفلٍ رضيعٍ في الشهر الثالث، بينما تُنهك المجاعةُ الحياة تدريجيًا في هذا القطاع المُغلق.
ووصفت «ديلي إكسبريس» حالته، قائلة إنه «مع بروز العظام من خلال جلده الهشّ، وغياب أيّ مساعدةٍ في الأفق، انخفض وزن محمد من تسعة كيلوغرامات إلى ستة كيلوغرامات (13 رطلاً) بسبب أزمةٍ إنسانيةٍ مُريعة».
وقال كالوم هوير، رئيس تحرير الأخبار في الصحيفة، عبر منصاته على مواقع التواصل، إن اختيار هذه الصفحة الأولى جاء كصرخة "لوضع حد للمعاناة الوحشية في غزة"، مضيفًا أن الصحيفة اختارت هذا الطرح "بضمير يقظ، رغم انشغالها عادة بقضايا محلية وسياسية أخرى"، في إشارة إلى التحول الملحوظ في خطاب الإعلام اليميني حيال العدوان الإسرائيلي.
وفي السياق ذاته، قال وزير الخارجية ديفيد لامي: «أشعر بشعور الشعب البريطاني نفسه. أشعر بالفزع والاشمئزاز».
الوضع الإنساني في غزة: مأساة متصاعدة
ويأتي هذا التفاعل الإعلامي في وقت تؤكد فيه المنظمات الدولية أن قطاع غزة يواجه "كارثة إنسانية غير مسبوقة"، مع تحذير أكثر من 100 منظمة إغاثية من مجاعة جماعية وشيكة. وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن الوضع الغذائي بلغ "المرحلة الخامسة" – وهي أعلى درجات التصنيف وتعني خطر المجاعة المحققة.
ووفقاً لمصادر أممية، فإن أكثر من ألف فلسطيني لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات منذ مايو الماضي، في حين يعاني العاملون الإنسانيون داخل القطاع من الجوع والإرهاق، في ظل استمرار القصف وتقييد دخول المساعدات.
من جانبها، شدّدت منظمة العفو الدولية على أن إسرائيل تستخدم "التجويع كسلاح حرب" ضد السكان المدنيين، وتفرض عمداً ظروفًا تؤدي إلى المجاعة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.
دعوات متزايدة لإنهاء المجازر
في سياق متصل، تتصاعد الأصوات الدولية المطالبة باتخاذ إجراءات فورية، من ضمنها فرض وقف دائم لإطلاق النار، وفتح ممرات إنسانية آمنة.
وقد أكد الصحفي ريتشارد هول، كبير مراسلي الإندبندنت، أن خطوة صحيفة ديلي إكسبريس "تعكس مدى فداحة الوضع في غزة، ومدى استحالته على الضمير العالمي تجاهله بعد اليوم".
ويُنظر إلى هذه التغطية البارزة كإشارة قوية إلى أن الرأي العام الغربي، بما في ذلك مؤسسات إعلامية طالما تجاهلت أو برّرت العدوان، بدأ يتغير تحت وطأة الصور الفظيعة والحقائق الميدانية القادمة من القطاع المحاصر.
ويعتبرالطفل محمد، الذي يتشبث بالحياة في مخيم للاجئين، مرتديًا كيس قمامة أسود كحفاضة، هو واحد من 900 ألف طفل في غزة يعانون الآن الجوع، منهم 70 ألفًا في حالة متقدمة من سوء التغذية.